السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

وحدة المغرب العربي.. الحلم الممنوع

تعيش منطقة شمال أفريقيا منذ عقود تشتتاً سياسياًّ وحرماناً وحدوياًّ واضح المعالم، وتحت ضغط الجغرافية والتاريخ أطلق زعماء المنطقة في تسعينيات القرن الماضي اتحاد المغرب العربي، الذي سطّر لوحدة سياسية واقتصادية وجمركية بين دول المنطقة، وكانت النماذج المطروحة أمامه لإلهام طموحاته وإنارة طريقه، منظمة الاتحاد الأوربي.. ومجلس التعاون لدول الخليج العربي، لكن هذه الهيئة بقيت حبراً على ورق، لا حياة في شرايينها.. تثير الشفقة والحسرة أحياناً، والبكاء على الأطلال أحياناً أخرى.

واقع المنطقة يشير إلى الفرص الهائلة.. اقتصادات متكاملة بين غنى الطاقة وغنى الطبيعة، ومجموع سكانه تجاوز المئة مليون نسمة، وسوق قوية لديها قدرة على محاورة الفضاءات المجاورة وفرض شروط التنمية، لكن هذا الحلم وضع اليوم في أرشيف الإدارات المغاربية في انتظار اللحظة السياسية، التي قد تنعش مساره وتخرجه من الظلمات إلى النور.

وقد شلت حركة اتحاد المغرب العربي منذ البداية بسبب الخلاف المغربي ــ الجزائري حول الصحراء الغربية، حيث انخرط المغرب في عملية توحيد ترابه وترميم أشلائه التي فككتها الحقبة الاستعمارية الفرنسية، فيما جندت الجزائر مواردها المادية و البشرية لدعم حركة البوليساريو الانفصالية باسم مبدأ تقرير المصير.


وهكذا اصطدم البلدان طوال عقود، وراوحت علاقاتهما وضعاً مزرياً بين جمود وقطيعة أدت إلى غلق الحدود البرية بينهما.. فلا المملكة المغربية قبلت بالتخلي عن جزء من ترابها، ولا الجمهورية الجزائرية وافقت على التخلي عن جبهة البوليساريو الانفصالية.. وقد قيل في بعض الأوقات إن المحرك الأساسي للدبلوماسية الجزائرية هو البحث عن منفذ على المحيط الأطلسي عبر قيام دولة شبحيّة على تخومها.


لم تنفع كل الوساطات العربية والغربية بين الجزائر والرباط لتحقيق المصالحة، والتي تبدو أنها الشرط الوحيد بإنعاش اتحاد المغرب العربي، الذي بقي على شكل هيكل فارغ في انتظار حل أزمة البوليساريو، غير أن ملامح هذا الحل المنتظر بدأت تلوح في أفق الأمم المتحدة، التي صوتت على مشروع قرار يحث جميع أطراف الأزمة بما فيهم الجزائر إلى حل واقعي براغماتي توافقي سياسي لهذه الأزمة، التي سمَّمت تاريخ المنطقة لسنوات طويلة.. على العموم يُطرح اليوم خطاب يحمل كلمات توحي بقرب خروج المنطقة ـ على ما يبدو ـ من عنق الزجاجة لمباشرة مستقبل أكثر إشراقاً.