الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

الإخوان وإيران.. عودة الود القديم

إعلان البيت الأبيض الأمريكي اعتزامه تصنيف جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، لم يكن مفاجئاً بالنظر لأن الفكرة ليست وليدة اليوم، وإنما طرحت منذ الحملة الانتخابية للرئيس دونالد ترامب عام 2016، ونوقشت مجدداً بعد الانتخابات عام 2017، لكن المثير هو الموقف الإيراني الذي أعلن بوضوح أنه يذود عن الجماعة، بحسب منطوق وزير الخارجية محمد جواد ظريف الذي اعتبر، من الدوحة، أن «الولايات المتحدة ليست في وضع يؤهلها لأن تبدأ في تصنيف الآخرين كمنظمات إرهابية».

التوجه الأمريكي الجديد إزاء جماعة الإخوان، يعلن نهاية حقبة أمريكية وُسمت بالرهان السابق المتسرّع على الاعتدال الإخواني وإمكانية تسويق إسلام ديمقراطي يسحب البساط من الإسلام المتطرف، حيث كان الرهان الأوبامي كارثياًّ بحساب الخسائر التي ترتبت على المنطقة العربية.

الود الإيراني الإخواني القديم بدأ مع صباحات الثورة الإسلامية، حيث كانت خيوط الوصل وطيدة بين الدولة والجماعة، وكان الرابط بين الطرفين الإيمان المشترك بالمتخيل الإسلامي الخلافي، وإن اختلفت التفاصيل والتكتيكات.


بمجرد تصريح سارة ساندرز المسؤولة الإعلامية بالبيت الأبيض بكون «إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعمل على تصنيف جماعة الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً أجنبياً»، تداعت التصريحات الرافضة لهذه النوايا الأمريكية، فقد رفضت إيران، وندّدت تركيا، واحتجَّت الجماعة الأم، في بيانها «مستمرون في العمل وفق فكرنا الوسطي السلمي».


وفي خلفية النوايا الأمريكية وتلك المواقف الرافضة، اصطفافات جديدة ترسم في العالم وفي المنطقة، حيث أعاد العالم ترتيب أفكاره بشأن صداع الإرهاب المعولم، وأيقن أن العلاج يفترض أن يكون من نفس جنس المرض وأعراضه.

وبعد أن صمّت الدول الأوروبية آذانها عن مواقف عربية كثيرة تشير إلى أصل الإرهاب وجذوره، ركنت أوروبا وأمريكا إلى تلك الإشارات، واضطرت للذهاب إلى حيث الأصل.. إيران التي وصلت أصابعها إلى أكثر من أربع عواصم عربية، وجماعة الإخوان التي زوّدت كل الجماعات الإرهابية بمنطلقاتها الفكرية.

هنا نفهم تجاوز الطرفين، إيران والإخوان، لخلافاتهما الأخيرة منذ عام 2011، وعودتهما إلى وصلهما القديم المشترك.. تذود إيران عن الإخوان، ويرفض الإخوان إرهابية دولة تواظب على تصدير ثورتها والخراب، وفي ثنايا الحدث مواقف تركية ترفض التصنيف وتعتبره «ضربة كبيرة لمطالب التحول الديمقراطي في الشرق الأوسط».

المحور المتحلّق حول الإخوان يعيش مأزقاً متعدد الأبعاد، يبدأ من التصنيف ويمتد إلى العقوبات المترتبة على التصنيف، ولا ينتهي بتوسّع الإجماع العربي على ضرورة حماية الإسلام من المشتغلين باسمه.. الخيار القادم لدى المحور الإخواني هو المزيد من التخبط والكثير من العزلة.. ودّ إيران والإخوان انتهازية مُتعنِّتة ترفض الاعتراف بأن العالم يتغير.