السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

السَّفاح مدمن القراءة

كان الأمر مثيراً للدهشة بالنسبة لي، كنت أتابع المسلسل الخاص بقاتل المصمم العالمي فيرساتشي، وتولاني شعور أشبه بالسحر، حينما شاهدت في الحلقة التاسعة والأخيرة، حينما سلط الضوء على حياة السفاح المتسلسل أندرو كونانان في طفولته، ولكن قبل كل هذا، كان المشهد الذي لم يغادرني حينما كانت الأسرة تحاول أن تنقل أثاث المنزل إلى سيارة الشحن، فكان الأب يتساءل: أين ذهب أندرو؟.
لم يكن أندرو يقوم بأي عمل سوى القراءة، حيث قضى وقتاً طويلاً من طفولته حتى بداية شبابه وهو لا يتوقف عن القراءة، والقراءة لم تمنعه من أن يصبح قاتلاً متسلسلاً، لكنها جعلت منه شخصية متفردة، بنت بداخله خيمياء عجيبة جداً، وكان مثيراً للدهشة لمن حوله، فقد كان مطلعاً بشكل واسع، وهذا الأمر يثير الآخرين نحو مصادقة كونانان.
ربما في مجتمعاتنا العربية لا يمكن أن نتخيل أن يكون هناك قاتل محترف، يقضي وقته في قراءة الكتب، بالنسبة لنا هذا الأمر بعيد تمام البعد، فالثقافة تكون بداخلنا تغييراً يختلف عن الآخرين، بل إنها تجعلنا في مكانة كبيرة وعظيمة أمام أنفسنا وأمام الآخرين، القتلة واللصوص في أوطاننا العربية لا يمكن أن يكونوا مثقفين، ولهذا فنسبة القراءة لدينا ضعيفة جداً، إنني أشعر ببعض الإهانة حينما يخبرني العديد ممن أصادفهم في حياتي بأنهم لا يميلون إلى القراءة ولا يجدون أنفسهم فيها، لكنهم في مقابل ذلك لا ينفكون عن ملاحقة كل ما ينشر في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، إذاً لدينا خلل ما في طبيعة تكوين عقولنا، هل يعني ذلك أننا نعاني من وجود نقص في تنوع الكتب؟، وما هي المشكلة، التي تجعل سفاحاً غربياً يدمن القراءة.