السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

الظاهرة الإرهابية.. والخوف الغربي المشروع

قد تكون الرسالة الرئيسة من ظهور أبي بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش هي تأكيد وجود التنظيم واستمراره على نهجه، بل وتعدي دوره من جغرافيا داعش في (سوريا والعراق) إلى جميع دول العالم، وخصوصاً التي شهدت أعمالاً إرهابية في الفترة الأخيرة، وتبقى الفكرة الأكثر خطورة في طرح تنظيمي القاعدة وداعش هي فكرة العالمية، التي تترك ظلالها القاتمة على الموقف العالمي من جميع المسلمين.

في أوروبا التي استوعبت أعداداً غفيرة من المهاجرين واللاجئين العرب والمسلمين عبر عشرات السنوات، ثم ابتلعت الموجة الكبرى من طوفان المهاجرين بعد الأحداث الأخيرة في العالم العربي، في أوروبا زاد القلق والجدل حول وضع المسلمين فيها وتزايدت الحركات العنصرية الرافضة للمسلمين والمعادية لهم، ومع صعود أحزاب اليمين المتطرف وتنامي الاتجاهات الشعبوية بدأت القضية تأخذ أبعاداً سياسية وتشريعية، فأحد أسباب رغبة بريطانيا في الخروج من الاتحاد الأوروبي هو الانفكاك من قبول اللاجئين والمهاجرين والتنصل من دعمهم بأموال دافعي الضرائب.

والكثير من العرب والمسلمين يحاولون تفسير القضية بأنها عداء صليبي أو عنصري ضد المسلمين، ولكن في حقيقة الأمر علينا التوقف أمام وضع بعض المهاجرين المسلمين وهواجس المواطن الغربي منهم. فلقد انتهى مطاف الهجرة في بعض الدول الأوروبية بتشكل مدن مستقلة خاصة بالمسلمين تحكمها أنظمة خاصة بهم، ولا تتمكن الشرطة من دخول تلك المناطق عند حدوث أي مشكلة، كما أن المساجد في بعض مناطق المسلمين مدعومة من تركيا وبعض الدول العربية، ما يعطي نفوذاً لتلك الدول داخل المدن الأوروبية، ناهيك عن الجمعيات الخيرية التي تجمع الأموال وتوزعها وثبت لبعضها ارتباط بالحالة الجهادية خارج أوروبا، يضاف إلى ذلك أن أعداداً كبيرة من المهاجرين المسلمين قضت سنوات طويلة داخل أوروبا ولم تلتحق بعمل، ما جعلها وأسرها عالة على دافعي الضرائب.


والخطورة في هذه الظواهر أنها تجلٍّ لفكرة الجماعة العالمية، ما يجعل أوروبا تشعر بالتهديد من الداخل وتتخذ إجراءات احترازية ضد المسلمين بشكل عام حفاظاً على هويتها.


والهوية في الغرب لا تتعلق بالجذور والأنساب بل بالطابع الثقافي القائم على احترام الحرية وعلى الفردانية، وهو ما يخالف أفكار الجماعات الإسلامية الراغبة في عولمة أفكارها ومناهجها.. الخوف من الظاهرة الإسلامية على الصورة الإرهابية التي بدأت تتشكل داخل أوروبا هو خوف مشروع، والنزعة العالمية في تفكير التنظيمات الإرهابية وفي قناعة كثير من المسلمين، تضر بالمسلمين أكثر مما تخدمهم، لأنها تعوق اندماج المهاجرين وتحرمهم من فرصة التحرر من كثير من الأفكار السلبية عن الذات وعن الآخر.