الثلاثاء - 07 مايو 2024
الثلاثاء - 07 مايو 2024

موسم تربية الإرادة

تستوقفني دائماً النماذج التي تتحدى الصعاب، تتخطى حواجز ضعفها وخوفها بإرادة فولاذية، وتبدأ من العدم، كأولئك الذين يولدون قُصّراً بلا أطراف، يزحفون على بطونهم بأجسادهم الضئيلة، ويقبضون بثقة على أطراف الحياة بنواجذهم، وتجدهم ينجزون أكثر من الأصحاء المكتملين!.

وأتساءل في نفسي: من أين لهم تلك القوة التي تجعلهم يواجهون كل منعطفاتهم القاسية بنصف أو بربع جسد، وربما بحاسة أو حاستين مفقودتين؟!.

وجدت أن الإرادة هي المفتاح، هي الوقود الذي يُحرّك الفرد لتحقيق أحلامه ونسج حياته التي يريد، رافضاً الاستسلام أو الرضوخ، مقابل تلك القصص المبهرة لا نملك إلاّ أن نخجل من أنفسنا كلما ارتفعت فينا نبرة التذمر والشكوى حينما تعترضنا بعض تفاهات حياتنا اليومية، ونقف أمامها بروح العاجز لا بروح المجتهد المثابر.


ولأننا عصريون وتواكليون بكل تفاصيل حياتنا، بتنا نحبذ الطرق المختصرة في حل مشاكلنا الصحية ومنها السمنة، فعملية إنقاص الوزن ترتكز على التغيير الجذري لنمط الحياة، والقص أو التكميم أو تحويل مسار المعدة ليسا الحل الناجع لعلاجها، لأن من غير المعقول أن نُخضع نحو 80 في المئة من سكان الخليج لهذا الإجراء الجراحي القاسي لعلاج ظاهرة عامة تكتسح معظم مجتمعاته.


وطالما ربطنا شهر رمضان بالمائدة وبشهوة البطون، فهو أيضاً موسم البدايات المفصلية الإيجابية، وفرصة مواتية لتربية الإرادة وتهذيب الشهوات والحواس والارتقاء بها؛ بتغذية الروح واستشعار نفحاته، وتلمس سمو غاياته ومقاصده؛ فرصة لتغيير ثقافة الإنسان وعلاقته بالأكل، وتغيير قناعاته تجاه مفاهيم وعادات سلبية كثيرة، كالنهم، والتدخين، والعصبية المفرطة، والأنانية، والاستئثار، وغيرها من السلوكيات التي تفسد حياته وحياة كل الذين حوله.