الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الضجيج والبيئة.. وأسئلة الحياة

كثيرٌ مِنَّا لا يُدرِكُ مدى خُطورَة الضجيج والأصوات المزعجة التي يُحدِثها بعضُ السائقين بالضغط الشديد على بنزين السيارة فيُحدِث صوتًا كالصاروخ.. هذا النَّوع من التصرُّفات مُضِرٌّ بالصحة والبيئة، فكثيراً ما يَسِير إنسانٌ مريض على أرصفة الشوارع للرياضة فتَمُرُّ به سيارة أو درَّاجة نارية بسرعة تكاد تفوق سرعةَ صوتها الْـمُدَوِّي الذي يَخْتَرِق القلوبَ ويُصِمُّ الآذان. فكثير من السائقين يُطْلِق العِنانَ لسيارته داخل الْـمُدُن - وفي أوقات الازدحام - وكأنَّه في سِباق «الرالي» في الصحراء، وهو لا يُدرك - للأسف - أنَّه قد يَمُرُّ بشيخ عجوز أو مريض بالقلب أو مُصاب برُهاب الصوت أو طِفل صغير أو امرأة حامل فَيُعرِّض صِحَّةَ هؤلاء أو حياتَهم للخَطَر.

لستُ أدْري لماذا يَتَصَرَّف هؤلاء بهذه الطريقة المزعجة، هلْ يَرَوْنَ أنَّ ذلك يُنَظِّف مُحَرِّكَات سياراتهم ويُخَلِّصها من شوائب البنزين والعوالق الْـمُضِرَّة؟، أمْ يعتقدون أنَّه دليلٌ على الفروسية والشجاعة والمهارة في القيادة؟، أمْ أنَّهم يُحْدِثُون هذه الأصواتِ للَفْتِ الانتباه إلى سياراتهم؟، أمْ هُم يَفْعَلُون ذلك لمجرَّد الرياضة والتَّسْلِيَة؟.. تلك أسئلة لا أعرف جواباً عنها، بل الحقيقة أنَّ معرفتَها لا تُهِمُّني ولا أبحث عنها؛ ما يُهِمُّني هو أنَّ هذه الأصوات المدوِّية مُضِرَّةٌ بالصحة والبيئة والسكينة العامة.

لذلك ينبغي عقوبةُ السائقين الذين يخالفون القواعد المحدِّدة لمستوى الصوت (الديسيبيل) الذي يُحْظَر تَجَاوُزُه، وفق الحالات والأماكن المختلفة.. فكُلُّ شيء له ضوابطُه أو مِقْيَاسُه الخاص، فالأطوال والمسافات تقاس بالمتر، والكتلة تقاس بالغرام أو الكيلوغرام، إلخ؛ والوقت يقاس بالثانية أو الدقيقة، أو الساعة، إلخ.. ووحدة قياس شدة الصوت هي «الديسيبيل»، وصوتُ الإنسان العادي الذي يتحدَّث معنا في حديث عادي يكون في حدود 50 إلى 60 من هذه الوحدة، والأصواتُ التي تتجاوز 100 ديسيبيل تُشَكِّل خَطراً على القلب والأعصاب.


فلنَتَجَنَّبْ إحداثَ الأصوات الخَطِرة، لتنعم مُدُننا بالهدوء والسكينة؛ لأنَّ الأصوات من أكبر مُلَوِّثَات البيئة كما هو معروف. والبيئةُ النظيفة الخالية من التلوُّثِ والضَّوْضاء هَدَفٌ حضاريٌّ. لذلك كان لا بُدَّ من ضبط أصوات السيارات ورقابتها ومتابعة المخالفين لقواعدها تماماً شأنهم في ذلك شأن الذين يخالفون قواعد السير المختلفة، وَيَنبغي للسائقين أنفسهم أن يلتزموا بهذه القواعد ويَتَوَخَّوا الحذَرَ والهدوءَ ويحترموا آدابَ المرورِ وأحوالَ المارَّة من مَرْضى وعَجَزة ومسنين.