الثلاثاء - 07 مايو 2024
الثلاثاء - 07 مايو 2024

التلحين والآشوريون

في البداية يُقصد بالآشوريين الشعوب الآشورية والفينيقية والكنعانية والحيثية التي سكنت قديماً منطقة الشرق الأوسط أي بلاد ما بين النهرين ولبنان وفلسطين وسوريا، وبسبب الموقع الجغرافي المتميز بالعراقة والتاريخ والحضارة، أثرت هذه البلدان في جميع الدول المجاورة بكل مهارة، وخاصة في شرق أوروبا وغرب آسيا، وعميقاً في شمال شرق أفريقيا، مثل مصر واليونان والرومان وغيرها من الممالك القديمة، في شتى نواحي الحياة سواء بالطرق السليمة أو غير السليمة.
انطلقت الموسيقى الآشورية منتصف القرن الـ13 قبل الميلاد، وكان لا بد من انطلاقها آنذاك وبلا ميعاد، وذلك لموقعها المتصل بالمدينة الموسيقية، وأيضاً بما كان يُسمى بالموسيقى العربية، مما أدى إلى تشابه الآلات والنغمات والترنيمات وأساليب التلحين، وإن استمرت موسيقاهم في التفاوت منذ ذلك الحين، كما يظهر هذا التشابه في الآثار وفي أغلب التحف، وكأن هذا الشبه هو الدليل المُكتشَف، وأيضاً يُرى التقارب بوضوح في المنقوشات والمنحوتات والمخطوطات، وكذلك في السلالم الموسيقية وتركيب النوتات، ويعود الفضل إلى تواصلهم المستمر بفعل الحروب والأسرى، ثم الاختلاط والتجانس بينهم بالأحرى.
أحب سكان هذه المنطقة العزف على آلة (الصنج) أي (الهارب) كثيراً، والتي تحمل اختلافاً غريباً ومثيراً! فالصنج مسمى يطلق على آلتين موسيقيتين مختلفتين، الأولى إيقاعية صفراء اللون صغيرة، ذات صفائح مسطحة ومستديرة، تُثَبَّت في أطراف الدف أو في أصابع الراقصة، لتنتج أصواتها الناقصة عن الاهتزازات والاختلاجات، وهي معروفة حالياً باسم الصاجات، وتُستخدم غالباً عند الطرب والجمع، وقد تتعرض أحياناً إلى الاستياء والمنع! وذلك لأن كلمة (صنج) ترمز إلى صوت الجن دون الإنس! ولعل هذا ما يمنع الاستمتاع والأُنس! أما الثانية فآلة وترية لها هيبة وقيمة ومكانة، ولا تقبل الاستهانة أو المهانة، كونها استخدمت في طقوس العبادات، وأسست معاني الكثير من التقاليد والعادات.