الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

إيران.. وخيار «الضربة التحريكية» المحدودة

يعوّل الرئيس الأمريكي رونالد ترامب على الفوضى في التصريحات، التي باتت تنهمر من واشنطن باتجاه الأزمة مع إيران.. ففي الوقت الذي يحمل فيه على الإعلام الأمريكي، الذي يروج للأخبار الكاذبة بشأن الأزمة وعموم مواقف البيت الأبيض، فإنّه يرى في ذلك ملمحاً إيجابياً يخدم إدارته للملف الإيراني الساخن، ويقول في تغريدة حديثة عن تناقض التصريحات: «أنّ إيران لا تعرف كيف تفكر، وهو ما يعد في هذا الوقت أمراً جيداً»، كما كتب أيضاً: «مع كل هذه الأخبار الكاذبة والمختلقة، لا تستطيع إيران أن تعرف ما يجري بالفعل».

ثمّة أساسيات في الأزمة التي طفت على السطح، وأهمها: أنّ واشنطن تريد من إيران التفاوض على اتفاق جديد في الملف النووي، ولا تزال طهران غير واثقة من الوسيطين العراقي والقطري وهما ينقلان رسائل من واشنطن إليها، لذلك لا نرى اندفاعاً للإيرانيين نحو دعوة الحوار التي أطلقها ترامب.

إعادة التفاوض مع إيران، هو إقرار أمريكي بأنّ الحل سيكون من خلال «طاولات» المفاوضات وربّما الصفقات، وليس عبر الضغط العسكري، الذي لا يمكن أنْ يرغم طهران ـ التي تعبئ كلّ يوم عقائدياً ضد الأمريكان ــ أن تتراجع عن مواقفها إلاّ في حدود ضمانات بعدم المساس بأمنها ونظامها.


كما أنّ إعادة التفاوض ستفرض واقعاً جديداً بشأن توقيع الأوروبيين على الاتفاق النووي، وهذا لا يلقى استجابة لديهم، فضلاً عن أنّ أية امتيازات تمنح لواشنطن قد تدفع أوروبا للمطالبة بمثلها، ما يعني نسف اتفاقهم السابق.


عملياًّ، لا يوجد لدى واشنطن سوى خيار الضربة الصاروخية (التحريكية) المحدودة، التي تأتي من باب إسقاط الفرض، وسوف تخدم ترامب في مأزقه الداخلي، وتزيد من فرص الطلب الصيني والهندي على النفط الأمريكي ذي الفائض الإنتاجي، كما ستخدم أهدافاً إقليمية لواشنطن في إطار مناورات سياسية ذات مرمى اقتصادي واستراتيجي عسكري.

إيران تستعد منذ زمن طويل لاحتمالات الضربات الأمريكية أو الإسرائيلية، واستفادت من جغرافيتها الكبيرة في إخفاء مراكز قوتها، والى جانب أنّها تعي أنّ كل الضربات التي شنها الأمريكان لم تسقط النظام العراقي السابق المجاور لها، برغم أنّه أصغر منها ثلاثة أضعاف في المساحة والسكان، إلاّ في حرب برية، من المستبعد أن تتكرر إلاّ في حال حدوث مفاجآت، مثل إغراق الحاملة إبراهام لينكولن مثلاً.