الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الذوق

هو الأخلاق في كلمة واحدة، وأجمل ما يقال في تعريفه: «إنه الحسن واللطف والجمال في كل شيء، هو مجموع من الأقوال والأفعال والمشاعر، لا يتمتع به إلا ذوو البصيرة والفطنة، منهج حياة للأنقياء ذوي النفوس الشفافة التي تعرف الخطأ وتتحسب له، إحساس عال بالغير، وأدبيات التعامل مع الناس».

يظن البعض أن الإسلام لم يعتن بهذه الجوانب! والإسلام دين الذوق والجمال، إن المرء ليعجز عن حصر نماذج مراعاة الإسلام للذوق العام، من نهي الإسلام عن رفع الصوت، وحثه على الإفساح في المجالس والطرقات، وإماطة الأذى عنها، وفي تقرير الإسلام للطريق حقوقاً منها غض البصر، كف الأذى، رد السلام، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنهي عن الوقوف أمام الباب عند طرقه. وآداب الطعام: غسل اليدين، والأكل مما يلي المرء، وعدم التجشؤ، وعدم الشرب من فِيّ السقاء. وتشمل آداب السلوك أيضاً أخذ الزينة عند المساجد، وعدم أكل البصل والثوم لعدم إيذاء المصلين، والحث على نظافة الثوب والتطيب، والتطهر والاغتسال، وجعلَ الطهور شطراً للإيمان وقسيماً له. كما نهى الإسلام عن قضاء الحاجة في موارد المياه والطرق وتحت الظل، ووضع اليد أو الثوب على الفم عند العطس والتثاؤب، وألا ينزع أحدنا يده من يد صاحبه قبل أن ينزعها هو، وأن تنادي على أخيك بأحب الأسماء، وألا يجلس أحد بين الرجلين إلا بإذنهما.

وحث النبي على تخفيف الصلاة مراعاة لكبار السن والمرضى وذوي الحاجات، وأيضاً مراعاةً لطفل رضيع يبكي، والنهي عن تخطي الرقاب في المسجد، ومراعاة النبي صلى الله عليه وسلم الترتيب بين الصحابة في سائر الشؤون، والتخفيف في زيارة المريض، والنهي عن أشكال من قص الشعر وعدم تهذيبه، وشرع الاستئذان ونظمه بين جميع الأفراد.


ومن ذوق النبي صلى الله عليه وسلم، وهو آية الخلق في الذوق واللطف، أدبه في توجيه المخالف بقوله: ما بال أقوام، فكان يُعَرِّضُ ولا يُصَرِّحُ، ومعلوم أن النصيحة في الملأ فضيحة، ونهى الإسلام أن يختال المرء في مشيته متعالياً مستكبراً على عباد الله، وحث على الالتزام بأدبيات الاستماع والمشاهدة: «إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا» (الإسراء)، وألا نفرض ما نسمعه على غيرنا إلا بإذنهم، كتب الله الإحسان على كل شيء، حتى في ذبح المأكول، وأن نترفق به. كل ما سبق أمثلة بلا حصر لذوقيات وردت فيها آية أو حديث ضاق المقام عن ذكرهما، دمتم أهلاً للذوق.