الثلاثاء - 07 مايو 2024
الثلاثاء - 07 مايو 2024

انهيار الاتحاد الأوروبي.. حلم أمريكي ـ روسي مشترك

إضافة إلى الصعوبات التي تواجهها أوروبا في بلورة هوية سياسية واقتصادية موحدة، وعقيدة أمنية ودفاعية مشتركة تضعف أداءها الدبلوماسي على المستوى العالمي.. عقدت دول الاتحاد الأوروبي انتخاباتها البرلمانية في ظرفية سياسية دولية ذات نكهة خاصة، فلأول مرة تلتقي مصالح دول ذات مسارات وأجندات متناقضة في نجاح القوى القومية في مواجهة الأحزاب التقليدية، سواء تلك التي تنتمي إلى يمين أو يسار الخريطة السياسية.

بالنسبة للولايات المتحدة، كان لافتاً أن الرئيس دونالد ترامب وحتى قبل وصوله إلى البيت الأبيض من بين المشجعين للبريكست باعتباره من وجهة مقاربته الاستراتيجية يُسْهِم في إضعاف الاتحاد الأوروبي الذي يعتبره ترامب منافساً، وهذا الموقف يظهر قطيعة واضحة مع الإدارات الأمريكية السابقة، التي سهرت على تطوير علاقات استراتيجية مع الاتحاد الأوروبي.

ومنذ بداية ولايته أصر ترامب على تقديم الدعم الواضح للقوى الشعبويَّة في دول الاتحاد الأوربي، التي تضع نصب أعينها نسفه من الداخل وتفكيك مكوناته، إضافة إلى الموقف المعلن للرئيس ترامب الذي صفق لاختراقات رجل سياسي مثل الإيطالي ماثيو سالفيني، وهناك أيضاً وجود ونشاط الأمريكي ستيف بانون الذي جاء إلى أوروبا خصيصاً لمساعدة اليمين المتطرف في تحقيق نجاحات انتخابية.. ستيف بانون تقدمه وسائل الإعلام الأمريكية على أنَّه العرَّاب الأيديولوجي للرئيس ترامب، ومهندس فوزه بالانتخابات الرئاسية.


أما فيما يخص روسيا فلاديمير بوتين فعلاقتها وتعاطفها مع اليمين المتطرف واضحة المعالم منذ زمن بعيد، فعندما واجهت مارين لوبين أيقونة التيار القومي في فرنسا صعوبات للحصول على أموال لحملتها الانتخابية، لم تجد إلا المصارف الروسية لمنحها قروضاً بفوائد جد تفضيلية تستعملها في إنعاش حزبها، ومنحه الموارد المادية الضرورية للقيام بدوره في المشهد السياسي الفرنسي، كما استفادت مارين لوبين من دعم إعلامي عبر شبكات التواصل الاجتماعي وعبر وسائل الإعلام التقليدية التي يمولها الكرملين.


من بين الصدف السياسية الغريبة في خضم الانتخابات الأوروبية أن تتقاطع مصالح واشنطن وموسكو في عملية إضعاف دول الاتحاد الأوربي لأسباب اقتصادية ولدواعٍ أمنية، وتبقى الحقيقة السياسية التي تفرض أركانها على الجميع أنه تبين ـ بما لا يدع مجالاً للشك ـ أن من مصلحة ترامب وبوتين أن يصعد الشعبويون إلى الفضاء الأوروبي ويتبوّؤوا المناصب في منظومة أوروبية يحلم الطرفان بانهيارها.