السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

رحلات سياحية لمشاهدة داعش

في سنوات الصعود الكبير لتنظيم داعش تساءل العالم الإسلامي: من هؤلاء؟.. كان لغز البداية غامضاً للغاية، ثم كان قيام أكثر من ستين جيشاً بمحاربة التنظيم، ثم استمرار الحرب عدة سنوات بمثابة قمة جبل الغموض.

لم يكن هناك يقين بشأن دراما داعش المأساويّة، قال البعض: إن «أبوبكر البغدادي» شيعي عراقي، وقال آخرون إنّه سنّي فلسطيني، وذهب آخرون إلى أنه إيراني، فيما رأى البعض أنّه إسرائيلي.

لم تقف مساحة الارتباك عند الصحفيين والمحللين، بل امتدت إلى مسؤولين وسياسيين بارزين، فمثلاً قال الأخضر الإبراهيمي مبعوث الأمم المتحدة السابق إلى سوريا: «إن داعش هي الابن غير الشرعي لإيران والغرب»، وقد توازى مع هذا التصريح قول الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رافسنجاني: «إن أمريكا لن تستطيع القضاء على داعش بدون إيران».


في الوقت نفسه كان السيناتور الأمريكي جون ماكين يقول: «إنّ ثلاثة أرباع طائرات التحالف ضدّ داعش تقوم بغارات وهميّة من دون أيّ هجوم»، وقد استطاعت «بي بي سي» تصوير مشاهد عديدة للحركة المطمئنة ثم الخروج الآمن.


كانت السينما السوداء لداعش تنقل مشاهد الذبح والحرق المروّعة، وهي المشاهد التي صدمت الإنسانية كلها من دون استثناء، لكن جانباً آخر من المأساة كان مثيراً للغاية، فلقد نشرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أنباء عن تنظيم شركات إسرائيلية رحلات يوميّة إلى الحدود السورية لمشاهدة داعش! كان السائحون عند معبر القنيطرة يرتدون النظارات الشمسية ويتناولون المأكولات والعصائر، ثم يذهبون لاستخدام المناظير والتلسكوبات في منصة أعلى الجبل، لمشاهدة حرب داعش والنصرة، التي كان وقت الرحلات في أوجها.

تحدّث كثيرون عن علاج جرحى القاعدة في إسرائيل، وتحدّث صحفي ألماني يدعى يورغن تودنهوفر عاش مع داعش بعض الوقت عن فزع داعش من تل أبيب: «إنَّ الدولة الوحيدة التي يخشاها الإرهابيون هي إسرائيل»، ونقل الصحفي عن قيادي في داعش: «بعد أن نسيطر على الشرق الأوسط سوف نمضي إلى غزو أوروبا».

كانت سياحة داعش أو انطلاق حافلات السيّاح لمشاهدة عناصر التنظيم ومواقعه وآلياته تعبيراً عن حالة الفضول الشديدة لمعرفة هؤلاء البشر.. من يكون هؤلاء القادمون من القرون الماضية إلى قلب العصر.

لا يمكن وصف حجم الخجل الذي أصاب العالم الإسلامي جرّاء صعود تنظيمات الإسلام السياسي، ولا يمكن وصف حجم الإساءة التي لحقت بالإسلام والمسلمين جرّاء اختطاف هذه الكائنات ناصية الكلمة والصورة، ومخاطبة العالم باسم الإسلام.

لقد جعل هؤلاء من الإسلام منبعاً للخوف، ومن المسلمين مصدراً للفزع، وبعد أن كان العالم يأتي إلى حضارتنا ليسمعَ ويتعلّم وليدرك حقائق العصر، أصبح هناك من يدفعون المال ويذهبون في رحلات سياحيّة لمشاهدة أنصاف البشر.. ممّن يقفون على أطلال حضارتنا.