الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

سلامة الصدر

يقول تعالى «يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ» (الشعراء)، وسليم الصدر هو من كان قلبه محباً لله تعالى، موحداً له ومخلصاً، ومحباً لخلقه لا يحمل لهم حسداً ولا حقداً ولا غلاً ولا ضغينة، إن صفاء القلب من شوائب الدنيا التي تعكر الصفو وتفسد الود وتقطع الوصل ضرورة دينية ومجتمعية، لذا حث الإسلام على إصلاح ذات البين وجعله من أعظم القربات إلى الله تعالى لما فيه من سعي لوحدة الصف المسلم ليقوى على مجابهة مشكلاته الداخلية والخارجية، وقد ذكر الله تعالى أن من دعاء المؤمنين قولهم «رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ» (الحشر)، أي لا تجعل في نفوسنا حقداً وحسداً للمؤمنين، وتخصيص هذا الدعاء إشارة إلى أنه أساس في نهضة الأمم وبنائها، فعلى كل مسلم أن يعلم أنه ما نزل بأحد من نعمة إلا من الله، وفي الدعاء «اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك، دعاء أوصانا به النبي صلى الله عليه وسلم من أذكار الصباح والمساء؛ ليذكر المرء نفسه أن المنعم على الخلق إنما هو الله، وأنه وحده الذي يهب النعم والمكرمات، وفي الحديث أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم، أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ». قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ «هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لَا إِثْمَ فِيهِ، وَلَا بَغْيَ، وَلَا غِلَّ، وَلَا حَسَدَ» (ابن ماجة) وصفه رسولنا بأنه أفضل الناس، واستحق المرء بتلك الصفة، صفاء القلب وسلامة الصدر دخول الجنة، فقد صح أن رجلاً طلع على النبي صلى الله عليه وسلم وهو جلس مع أصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا، فتبعه عبدالله بن عمرو ليقف على سر استحقاقه للجنة فسأله: مَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ قَالَ: فَانْصَرَفْتُ عَنْهُ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي فَقَالَ: مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ، غَيْرَ أَنِّي لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِشّاً، وَلَا أَحْسُدُهُ عَلَى مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ عَبْدُاللَّهِ: هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ هِيَ الَّتِي لَا نُطِيقُ».