الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

الخلاف فقر.. والاختلاف ثراء

لماذا حينما نختلف في آرائنا حول قضية رياضية أو اقتصادية أو حتى اختيار مطعم يظهر الخلاف بيننا ولا نحترم آراء بعضنا؟.. ‏ألم نتعلم من العلماء السابقين أن الاختلاف هو رؤية زاوية لم نشاهدها نحن وشاهدها طرف آخر؟.

في أوروبا التي خاضت حروباً عالمية، وزهقت فيها أرواح عشرات الملايين، وصل أهلها في النهاية لقناعة بأهمية الاختلاف، لذلك قد لا يقتنع الغربي برأيك، ولكن يقول لك: «اختلف معك، ولكني احترم رأيك» أو ليس هذا كافياً للتصالح؟.

بعض البشر إذا اختلفت معه في مسألة فقهية ـ مثلاً ـ أصبحت بالنسبة له معارضاً لدين الله وسنة نبيه، فمتى سنتوقف عن تسمية الرأي الفقهي لرجل دين في مسألة خلافية بـأنه «دين الله».


إن الأدلجة التي مورست علينا خلال السنوات الماضية جعلت من الاختلاف خلافاً، فإن لم تكن معي تساند رأيي فأنت ضد دين الله، وهذه ظاهره خطره تسببت في الكثير من الصراعات بين المجموعات والمذاهب، ونحن نحتاج إلى سنوات ليعود مفهوم الاختلاف.. ولنعرف أيضاً الفرق بين رأي العالم المجتهد والحكم الصريح.


لم نستوعب بعد أن بعض المسائل خلافية بين العلماء منذ مئات السنين، ولكن البعض رسَّخ في أذهاننا أن هذه المسائل محسومة من أجل توجيهنا لرأي شيخ معين، ويحرمون الناس من معرفة الآراء الأخرى في المسألة نفسها، وهذا يعتبر (تجهيلاً) للناس وسوف يحاسبهم الله عليه.

يحكى أن الخليفة أبوجعفر المنصور دعا الإمام مالك إلى تأليف كتاب في الفقه، فلما ألفه قام بطباعته وأراد توزيعه على جميع الأمصار بعد أن زاد الاختلاف بين الناس في الأمور الفقهية، لكن الإمام مالك أول من اعترض على ذلك، فقد روي عنه، في كتاب سير النبلاء للذهبي، قوله: «يا أمير المؤمنين، لا تفعل، فإن الناس قد سيقت إليهم أقاويل، وسمعوا أحاديث، ورووا روايات، وأخذ كل قوم بما سيق إليهم، وعملوا به، ودانوا به، من اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغيرهم، وإن ردهم عما اعتقدوه شديد، فدع الناس وما هم عليه، وما اختار أهل كل بلد لأنفسهم»، وهذا موطأ الإمام مالك والخليفة ينتصر له، ولكن الإمام رفض توجيه الناس لرأي واحد، وهو يعلم أن الفتوى تختلف بحسب المكان والزمان الذي وقعت فيه، فلماذا لا نتقبل الاختلاف ونحسن الظن؟