السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

هل تأمن تركيا الغدر الروسي في سوريا؟

تقف تركيا في وضع صعب في سوريا، فهي وإن أجرت العديد من الاتفاقيات مع أمريكا، وتركز معظمها بعد ظهور تنظيم داعش، وتشكيل التحالف الدولي لمحاربته في سوريا والعراق، وظهور العمل العسكري الكردي شمال سوريا وعلى الحدود التركية، إلا أن أمريكا لم تلتزم لتركيا بإخراج قوات سوريا الديمقراطية من منبج، بل وضعت قوات عسكرية أمريكية معها لمنع تركيا من التحرك العسكري نحوها.

في الجانب الآخر حاولت تركيا أن تنسق في سوريا مع روسيا للاستفادة من وجودها العسكري، وللضغط على أمريكا ولكن من دون التخلي عن الغرب والناتو، وقد وقعت تركيا العديد من الاتفاقيات مع روسيا، كان من أهمها اتفاق سوتشي حول إدلب سبتمبر 2018، فاعتبر ذلك من إنجازات الحكومة التركية، ولكن ذلك آخذ بالتبدد في ظل ظهور توافق أمريكي وروسي في سوريا.

مؤشر ذلك أن أمريكا هي التي تقف الآن في وجه روسيا لمنع خطوط القتال، بعد أن وقعت عدة ضربات روسية ومن جيش الأسد على المناطق المحيطة بإدلب من دون تدخل تركي، الهجمات الروسية تحتج بضربها للتنظيمات الإرهابية، وروسيا تهدد بتطبيق «سيناريو حلب» في إدلب، عبر تكثيف القصف تمهيداً لعملية برية واسعة لدعم قوات الأسد بالتوغل في آخر معاقل المعارضة في شمال غربي البلاد، فجاءت الممانعة من أمريكا بحجة تثبيت الأوضاع الراهنة على الأراضي لحين تشكيل لجنة صياغة الدستور وإجراء مباحثات الحل السياسي على أساسها.


بعض التحليلات السياسية الروسية ترى أنه ليس من مصلحة روسيا التخلي عن الاتفاق مع تركيا بشأن إدلب، ولكن الواقع يقول خلاف ذلك، وبالتأكيد فإن روسيا إذا ما أقدمت على عمل عسكري كبير في إدلب، فإنه سيبدو معارضاً لأمريكا بينما هو خرق للاتفاق مع تركيا، أي كأن الاختلاف بين روسيا وأمريكا، بينما أمريكا تدرك أنها تصنع أزمة بين روسيا وتركيا، لأن الضغوط التي مارستها أمريكا على تركيا للابتعاد عن روسيا، وبالأخص في المجال العسكري، لم تنجح، فوجدت أمريكا أنها قادرة على إحداث هذا الشرخ من خلال روسيا، بمبادلة المنافع والمصالح مع بوتين على حساب تركيا.


إن روسيا لا تسعى للبقاء في حالة توتر مع بقاء الأزمة السورية من دون حل، وتسعى لإيجاد حل سياسي يضمن لها البقاء العسكري في طرطوس وحميميم، ويضمن لها كسب مشاريع إعادة الإعمار، فضلاً عن العقود طويلة الأمد التي وقّعتها مع حكومة بشار الأسد، فإذا لم تستطع تركيا أن توجد لها مخرجاً في الأزمة السورية فإنها ستبحث عمن ينجز لها ذلك، حتى لو كانت بالاتفاق مع أمريكا.