السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

الانتخابات الأوروبية.. عندما تفقد الديمقراطية زخمها

أظهرت نتائج انتخابات الأحد الماضي لاختيار أعضاء البرلمان الأوروبي بوادر حدوث نكستين مثيرتين للقلق، الأولى تتعلق بالحلم الأوروبي، والثانية تخص القيم الديمقراطية المثلى.

ولم يعد الحلم الأوروبي بالوحدة الكاملة هدفاً تتشاركه الأغلبية، تقدّمية كانت أم محافظة، ويدعو افتقار تلك الانتخابات للحماس للشعور بالمرارة، ويُعدّ مؤشراً على فشل الجهود المتواصلة لتجنّب انحسار سمعة القارة التي يبدو أنها لم تعد مركزاً للعالم، ولعل الأنكى والأمر هو ما أصاب العملية الانتخابية ذاتها من خلل، وكأنها لم تعد صالحة لأداء المهمة المتوقعة منها.

ففي فرنسا، أصبحت الحقيقة التي تشير إلى أن نصف المواطنين شاركوا في الانتخابات تُعتبر نصراً! فماذا عن الآخرين، وبماذا يفكرون؟ وماذا يريدون؟ وما مدى الشرعية التي يتمتع بها الفائزون حتى يمثّلوا الشعب؟ وكيف نعيد بناء الثقة بين الشعب والنخب السياسية؟ وكيف نأخذ في الحسبان ما تعبر عنه مواقع التواصل الاجتماعي والإضرابات العامة كتلك التي قادها ذوو السترات الصفراء؟


لقد اقترح البعض اللجوء إلى الاختيار بطريقة سحب القرعة! أو بتفعيل المبادرات الشعبية، أو بتغيير النوّاب المنتخبين بمجرّد فقدهم للتأييد الشعبي أو كل عام! ومن الذي سيشكّل الرأي العام بعد ذلك؟ هل هي الصحافة؟ ولكن، من يقرؤها، ومن يستمع إليها، ومن يمتلكها؟ وهل سيكون الأمر منوطاً بمواقع التواصل الاجتماعي؟ ولكنّها عامرة بدورها بالأخبار الملفّقة، أو أنها تتستّر على قوى فاعلة خفيّة مجهولة الهويّة.


وأصبح البحث عن حلّ لهذه المعضلة أمراً ملحّاً إذا أردنا أن نتجنب دورات العنف والحروب الأهليّة، وعلينا البدء بحوار مثمر يمكنه أن يحقق تقارباً في الرؤى.

وتواجه العالم الآن تحديات خطرة من شأنها أن تهدّد حياة الجنس البشري، ولهذا السبب، يجب الأخذ بالخيارات التي تحظى بموافقة الشعب عامة، والآن، أصبح القلق حول هذه الأخطار مشتركاً، ما يؤيد ذلك هو النجاح الذي تحققه الأحزاب البيئية التي اتضح أنها الفائز الأكبر في هذه الانتخابات، وصحيح أنها تتمتع بشعبية واسعة، ولكنها منقسمة على نفسها.. فما الذي يمكنها تحقيقه إذن؟

ولا يزال العالم يأمل بتخطّي تلك التحديات من دون حدوث تغيّرات كبرى، أي بالاعتماد أكثر على تكنولوجيات جديدة أو بتبنّي برامج «النموّ الأخضر» green growth أو «غير الضار بالبيئة»، ولكن، ألا يعتبر هذا ضرباً من الأوهام مع ظاهرة التضاؤل المتواصل للمصادر والمواد الأولية والتزايد المتسارع في عدد سكان العالم؟.. وكيف يمكننا أن نفرّق بين ما هو ضروري وغير ضروري، وبين الأمور التي يجب معالجتها على المدى البعيد أو القريب، والتي تؤدي إلى حدوث الاضطرابات وعوامل الخلل والشعور بالإحباط؟ وهل هناك من هو مستعد الآن لتبنّي هذا الخيار، ومن الذي سيفوز بتأييد الرأي العام في وقت يعتقد فيه كل إنسان أنّ على الآخرين أن يبادروا أولاً؟

وحتى الآن، لا تزال درجة حرارة جو الأرض في ارتفاع، والجليد القطبي يواصل انصهاره، وحرائق الغابات متكررة، والأعاصير تدمّر كل شيء.