السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

خلفيّات زيارة «آبي» لطهران

يعتزم رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي زيارة إيران في منتصف شهر يونيو الجاري للتخفيف من حدّة التوتر في الخليج العربي، واقترح أن يلعب دور الوسيط بين الولايات المتحدة وإيران، وحظيت الفكرة بموافقة ترامب، وهي تمثل إحدى النتائج غير المتوقعة للمحادثات التي دارت بين الرئيسين في اليابان خلال زيارة ترامب الطويلة في الفترة من 25 حتى 28 مايو الماضي.

ووفقاً لتقرير صحفي تناقلته الصحافة اليابانية، فإن زيارة «آبي» إلى إيران سبق أن اقترحها ترامب خلال جلسة المحادثات، التي انعقدت بينهما في واشنطن يوم 27 أبريل الماضي، وإذا كان ذلك صحيحاً فإنه يدفعنا للتساؤل بإلحاح: هل هناك دعم كامل من ترامب لأصحاب الخط المتشدد في الإدارة الأمريكية، الذين يبدو كأنهم يحاولون تحريض أصحاب الخط المتشدد في طهران على القيام بردّة فعل مبالغ فيها حتى يتخذها ترامب ذريعة لشنّ هجمات عسكرية على إيران؟.. أو هل ينوي ترامب لعب دور «الشرطي الشاطر» على حساب دور«الشرطيَّين السيئَين» الذي يلعبه الثنائي بولتون وبومبيو؟

إذا كان الأمر كذلك، فسوف تكون زيارة آبي إلى إيران مجرّد «سيناريو» تم إعداده سلفاً بحيث يتكفل بمأمورية نقل رسالة إلى طهران تتضمن الإشارة لنيّة ترامب التفاوض والتوصل لعقد صفقة، ولسنا متأكدين من هذا الطرح حتى الآن.


إلا أن الشيء المؤكد هو أن المرجعيّات الدبلوماسيّة اليابانية تحاول بكل ما أوتيت من جهد تعزيز العلاقات مع إيران وتقوية الاتصالات معها حتى لو وقعت تحت تأثير أقوى الضغوط من الولايات المتحدة، التي تعدّ الحليف الدبلوماسي والأمني الأكثر أهمية بالنسبة لليابان، وخلال عام 2019 احتفلت اليابان وإيران بالذكرى التسعين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بينهما، وفي نظر اليابانيين، لم تكن العلاقات المتأزمة بين الولايات المتحدة وإيران منذ الثورة الإسلامية عام 1979 في مصلحة الطرفين وأمن المنطقة واستقرارها.


لقد سعت اليابان وإيران لتعزيز العلاقات بينهما على أساس الاحترام المتبادل كبلدين آسيويين، يعملان بجهد على تحقيق العصرنة والتنمية في ظروف عالمية صعبة، وترى اليابان أن علاقاتها مع إيران متوافقة مع تكريس علاقاتها المتينة مع دول الخليج العربية من خلال تحقيق أمن مصادر الطاقة.

هنا نتساءل: هل تعتقد الدول الخليجية وإسرائيل بالفعل أنه من الضروري إلغاء «خطة العمل الشاملة المشتركة» JCPOA، لأن هناك فرصة لعقد صفقة أفضل؟ وهل تعتقد هذه الدول حقاً أن «الضربة الجراحية» ضد إيران ممكنة ومؤثّرة؟ وهل يمكن تحييد الدفاعات الإيرانية وإسكاتها من أجل ضمان حفظ السلام والرخاء لدول الخليج العربية عن طريق المساعدة على نشر أحدث الأسلحة الأمريكية والمزيد من القوات في تلك الدول؟.. ولماذا تغيب إسرائيل عن المشهد بشكل مفاجئ مع أنها تكثر الحديث عن أهمية «الضربة الجراحية» على طهران؟ ويحدث هذا في وقت يبدو فيه أن مصير نتنياهو أصبح مجهولاً.

كل هذه التساؤلات تتوارد إلى أذهان صُنّاع القرار الدبلوماسي في طوكيو، في وقت تتزايد فيه المخاوف من الوقوع في أخطاء الحساب، ويبقى الشعب الياباني الآن في انتظار الإجابة عن هذه التساؤلات من «آبي».