الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

النغمة العليا مع (أم الدنيا)

وُجِد أن المنحوتات التي عُثر عليها في «بلاد النيل»، هي فعلياً من الأساسيات المكونة للفن الأصيل، كما اكتشفوا بعد دراسة طويلة بالتحقيق والتدقيق أنها تضم رسومات تحكي بالتفصيل والتصوير الدقيق بعض قصص الراقصين في أجمل حالاتهم، والكثير من حكايات العازفين مع آلاتهم، مما يجزم بالفرضية الفلسفية الحتمية، في أصول العراقة ومدى الأقدمية لتاريخ وحضارة الموسيقى المصرية، وبيان شدة تعلق شعبها بها بصورة حصرية.
بعيداً عن المماطلة أو الزيادة أو الإكثار أو الإسهاب في شرح قوة الحب والإيثار الخاصة بنتائج تنقيب هذه الآثار، حيث يؤكد الباحثون أصحاب العيون الساهرة وذوو الأيدي العاملة الماهرة وجود أثر عريق في قلب القاهرة يظهر فيه موسيقار معروف يوناني قديم، كان يعزف المقطوعات بشغف وترنيم، وكأنه يؤكد ارتباط الثقافة اليونانية بثقافة علوم «أم الدنيا» الفنية، فقد تأثروا بها واستفادوا منها في ذلك العصر، خاصة بعد احتلالهم أرض مصر، بنحو 323 سنة قبل الميلاد، والمهم أنه كان قبل فوات الميعاد.
نظراً للواقع ولكل ما سبق، ولكل معلومة ذهبية جاءت على طبق، تحتّم آنذاك وجود سلمٍ موسيقي مصري يختلف تماماً عن السلم العصري، ولكنه من دون أدنى شك لا يزال مثيراً لدهشة العين والأذن والفك، فهو يُستعمل حالياً في المعابد الصينية، وفقاً لدرجة سلالمه الخماسية، من دون تغيير في قواعده الأساسية، أي بأصواته الكاملة بلا أنصاف صوت ولا أرباع، ومع ذلك بقيت له الصين من أهم الأتباع، وطبعاً تطورت درجاته بعد ذلك بسرعة كبيرة، لاهتمام قدماء المصريين فيه بنسبة قديرة، حتى آل إلى ما هو عليه اليوم فأصبح سلماً سباعياً يحمل في طياته عملاً إبداعياً، يخرج إلى الحياة لحناً سماعياً، يتأرجح بين النغمة العليا والنغمة الدنيا، لتصدح كل الدنيا بألحان «أم الدنيا».