الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

متى نتفق على تاريخ العيد؟

ر كنا في طفولتنا ـ منذ سنوات بعيدة ـ نسهر طوال ليلة العيد، في انتظار ثبوت الرؤية اعتمادا على شخص ما يكون قد شاهد هلال شهر شوال وأكد للملايين أن العيد غدا..

بعدها ننام، وكل واحد منّا يضع ثيابه الجديدة تحت رأسه انتظارا لصباح يجئ نحتفل فيه بالعيد.

ومع مرور الزمن أصبح من الصعب أن نجد عيدا واحدا وصياما واحدا لملايين المسلمين.. والغريب أنه أمام عدم الاتفاق على صيام الشهر الكريم والاختلاف حول يوم العيد تعقدت الأشياء، ودخلت في الموضوع السياسة أحيانا، واختلف العلماء من شاهد الهلال ومن لم يشاهده، ولجأت الحكومات والمؤسسات الدينية الإسلامية إلى القواعد الفلكية لكي تحسم مواعيد الصيام والعيد.


لقد حاولت الدول الإسلامية الوصول إلى صيغة لمواجهة هذه الأزمة، التي تتكرر كل عام، ولم تنجح المحاولة، وعادت الحكومات ودور الإفتاء مرة أخرى إلى تتبع ظهور الهلال بالعين المجردة.


وفى الأيام القليلة الماضية عادت قضية الصيام تطل مرة أخرى، واختلفت الدول الإسلامية، ووجدنا أنفسنا أمام أكثر من صيام وأكثر من عيد، والغريب في الأمر أن قبلة المسلمين مكة المكرمة كانت تشهد لقاء تاريخيا لقمة الدول الإسلامية، حيث اجتمع 57 رئيس دولة مسلمة، انشغلوا بالقضايا السياسية.

أن قضية الأعياد والصيام واحدة من القضايا التي ينبغي طرحها، ربما وصلنا فيها إلى حل، ولكن القضية بقيت بعيدة تماما عن كل الحلول، رغم إنها من أقدم القضايا الخلافية بين الدول الإسلامية.

وإمام هذا الإرث القديم من الخلافات كانت النتيجة أن هناك من رأى هلال العيد يوم الثلاثاء، وهناك من رآه يوم الأربعاء وهناك من رأى العيد يوم الخميس، وعدنا مرة أخرى إلى هذا المأزق التاريخي الذى عشناه في طفولتنا ومازال يطاردنا في خريف العمر.

والسؤال هنا: هل يعقل بعد كل ما وصلت إليه قدرات البشر في العلم والتكنولوجيا وعلوم الفضاء أن تعجز قدرات المسلمين، وهى ضخمة وفيها الآن دول على درجة عالية من التقدم، في الوصول إلى رؤية الهلال في الوقت الصحيح؟.

وإذا كانت التجارب الفلكية السابقة لم تصل إلى النتائج المطلوبة لماذا لا نحاول مرة أخرى ونستخدم الأساليب الحديثة مرات ومرات؟.. لقد لعبت السياسة ـ أحيانا ـ دورا سلبيا في العلاقات بين الحكومات العربية والإسلامية، وقد أغلقت هذه الصفحة أمام حسابات جديدة تراعى فيها مصالح الشعوب والدول ولا أعتقد أن السياسية الآن لها دور في مثل هذه الخلافات.

حين ينظر العالم للدول الإسلامية وأعداد المسلمين وهم مئات الملايين يعانون من العجز أمام الاحتفال بمناسباتهم الدينية صياما وأعيادا، فإنه سيتساءل العالم: متى يتفق المسلمون على شئ ما شعوبا وحكاما؟.

لقد طالت بنا هذه القضية وعشناها أطفالا وكبارا، ومازال أحفادنا ينتظرون ليلة العيد واحد يحتفل به المسلمون هنا أو هناك.