الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

تمكين الأمن العاطفي

كل حالة تنمر، أو انحراف سلوكي أو أخلاقي، أو انعدام توازن نفسي، أو إدمان، أو تعثر دراسي، لو بحثنا فيها، سنجد أنها حالات تشكو من عوَز عاطفي ما؛ قد يبدو معظمها لنا ظاهرياً بأنها متماسكة وقوية، ولكن، في حقيقتها، هي هشة، منكسرة، لم تشعر بالأمن العاطفي الأسري، ولم تحظ به في مراحل عدة من حياتها.

في مرحلة ما بعد تمكين المرأة وظيفياً، وارتفاع سقف التعليم للإناث، وخروج كلا الأبوين للعمل، ومع طول ساعات العمل وساعات الدوام المدرسي، حدثت فجوة كبيرة داخل نواة الأسرة؛ أفرغتها من دفئها العاطفي، وأحدثت ربكة في عملية التواصل ما بين الآباء وأبنائهم، ولا سيما أنّ جل آباء اليوم يعتقدون بأن مسؤولياتهم الأبوية الرئيسة تنحصر في توفير الملبس والمأكل والتعليم الجيد ومتطلباتهم الثانوية، كدليل قاطع على حبهم ورعايتهم لأبنائهم، ففي وجهة نظرهم هذا هو الحب، متناسين الجانب العاطفي وأهمية إشباعه في أبنائهم، ومدى تأثيره على جانبهم السلوكي وتحصيلهم العلمي، بل والمهاراتي أيضاً.

حالات التنمر الشائعة بين طلاب المدارس، والانحرافات السلوكية، أو الإدمان بين الجنسين، وخاصة بين فئة المراهقين، تشي بالقصور العاطفي الحاصل داخل البناء الأسري، حتى أني أحياناً، لا أبالغ إن طالبت بإنشاء وزارة للأمن العاطفي؛ تُذكر «بعض» الأزواج أو الآباء المهمِلين بالحقوق العاطفية الأسرية وأهمية تعزيزها وإشباعها بين أفراد البيت الواحد؛ ليحفظ لها توازنها واستقرارها.


فالأمن العاطفي، لا يتحقق بكثرة الإنفاق، بل بإعادة تنشيط شبكة الضخ العاطفي غير المشروط؛ بإعادة نصاب الأسرة من الاهتمام، والحب، وجعله فوق أي اعتبارات ثانوية قد تصادر سلامها وأمانها العائلي!.