الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

الثقافة.. تروِّج للإسلام التنويري

الثقافة المستنيرة تقضُّ مضاجع الإرهابيين، المشروع الثقافي السلفي الجهادي له حواضن فكرية قبل أن تكون دينية؛ لكي يتم استقطاب أفكاره - على فرضيَّة - هذه الجماعة تستقي من المنهل الصافي والمورد النقي من الكتاب والسنة، وأنها الفرقة الناجية، وإلصاق تهمة الكفر والشرك والردة، ونفي الآخر وإخراجه عن الملة؛ لأن هناك مخزوناً تراثيا تاريخاًّ تم اجتزاؤه، لهذا يتمُّ القتل والوحشيَّة في الذبح والنحر؛ لأن القاتل مسكون بهاجس أنه يمتلك الحق، والآخر في ضلال مبين.

ولأننا أمام مشكلة ثقافية أكثر من كونها دينيًّة، فلا شكَّ أن الثقافة هي الوحيدة القادرة على ترويض المارد في داخل الإنسان، بالتسامي والتعالي عن الشر والوحشيَّة والعنف، وإيجاد خطاب ثقافي مناهض للإرهاب يحسن الترويج للإسلام التنويري، وخلق اتجاه جديد في التفكير يهذّب به تديننا ويرتقي، وإسقاط كل التأويلات المتشددة التي تبني مواقف وردود أفعال من الماضي، لا تمتُّ إلى واقعنا بصلة، واستعادة فتن التأريخ ونبش قبورها، ومعالجة هذا التدين المنحرف الذى يكرُّس للعنف ويسلب الإنسان من إنسانيته، وينكر عليه القدرة على التطوّر.

ولبناء وعي مضاد للإرهاب لا بدَّ أن تكون ثقافتنا الإيمانية تحمل الكثير من الرحمة والأخوة والروحانيَّة والسلام الداخلي؛ لكي نصبح أقل اقتناعاً وقبولاً بالتفسيرات الظلاميَّة.


أو إعادة صياغة الفكر العربي والإسلامي مِنْ منظور الإسلام الأصيل؛ لأن التراث الإسلامي بكل ما فيه من خيريَّة وتسامح يختطف أمام أعيننا، وبدون أن نحرك الراكد المضيء في هذا الموروث العظيم، ناهيك عن أن إعمال العقل والفكر أولويَّة قبل قراءتنا للنصِّ الديني؛ لكى نرتقي بالثقافة الإسلاميَّة التنويريَّة كمنظومة تدفعنا إلى أن نأخذ مِنْ الدين ما لا يتعارض مع ضميرنا الأخلاقي وقيمنا الإنسانيَّة الراسخة.