الأربعاء - 01 مايو 2024
الأربعاء - 01 مايو 2024

أزمة تركيا .. ونفط شرق المتوسط

أزمة تركيا .. ونفط شرق المتوسط
تواجه تركيا أزمة مع مجموعة من الدول الأوروبية والعربية وإسرائيل، على مسألة التنقيب عن النفط في شرق المتوسط، فهي تستند إلى موقف دولي يعتبرها بصورة قانونية دولة حدودية، وضامنة لحقوق قبرص التركية في الاتفاقيات الدولية المتعلقة بجزيرة قبرص، كما تعتبر نفسها صاحبة حق قانوني وسياسي وأخلاقي في دعم حقوق القبارصة الأتراك في حماية حقوقهم النفطية والاقتصادية والسياسية أيضاً، بينما تحاول بقية الدول المختلفة مع تركيا على المسألة القبرصية أصلاً أن تنفرد في التنقيب، وأن تبعد تركيا عما تدعيه من حقوق باعتبارها دولة ضامنة لحقوق القبارصة الأتراك، بل وتوجه تحذيراتها وتهديداتها لتركيا أيضاً.

مما لا شك فيه أن عدم حل المشكلة القبرصية سياسياً هو من أكبر أسباب الاختلاف حول التنقيب، وكذلك التوتر في العلاقات التركية مع اليونان وفرنسا، وتوترها مع إسرائيل ومصر أيضاً، فهذه الخلافات السياسية مع تركيا تزيد من صعوبة التوصل إلى اتفاق اقتصادي بينها، ولكن البحث عن حل اقتصادي لا ينبغي أن يتوقف على التوصل إلى اتفاقيات سياسية بين هذه الدول مع تركيا.

محاولة كل طرف تهديد غيره ليس طريقاً سليماً، لأن أي توتر عسكري سوف يؤدي حتماً إلى خسارة الجميع، وسوف يعودون مرغمين في النهاية إلى طاولة المباحثات. وخطاب الرئيس التركي المندد بتصريحات الرئيس الفرنسي قبل أيام كان واضحاً باعتماده على حق تركيا في لعب دور الضامن للقبارصة الأتراك، وهو ما لا تملكه فرنسا، فضلاً عن أن فرنسا ليس لديها شريط حدودي مع تلك المنطقة المختلف حولها.


لذا، فإن الاصطفاف الدولي مع هذا الطرف أو ذاك ليس هو الحل الأفضل أيضاً، سواء كان من خلال المراهنة على الناتو بالنسبة إلى تركيا، أو على عقوبات من الاتحاد الأوروبي ضد تركيا، أو على تأسيس «منتدى غاز شرق المتوسط»، وبالتالي فإن التفاوض المباشر بين هذه الأطراف أو اللجوء إلى الجهات الدولية المعينة سيكون هو الخيار الأفضل للجميع، فلا تملك تركيا فرض رؤيتها بالتهديد العسكري، ولا الأطراف الأخرى أيضاً.


إن تصاعد التوتر في شرق المتوسط بين كل من قبرص اليونانية واليونان وإسرائيل ومصر، مع تركيا وقبرص التركية، سوف يزيد من توتر المنطقة، فتركيا لا يتوقع أن تتراجع عن مواقفها في حقها الذاتي أو في حقها باعتبارها دولة ضامنة لقبرص التركية، وسواء كان البُعدان الاقتصادي أو السياسي سبباً رئيساً للأزمة، فإن البداية لا بد أن تبدأ سياسياً، وهو ما تفقده السياسة الخارجية التركية اليوم.