الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

تركيا .. ودلالات فوز إمام أغلو

تركيا .. ودلالات فوز إمام أغلو
جاءت نتائج إعادة الانتخابات لرئاسة بلدية إسطنبول بتاريخ 23 يونيو الجاري، لتؤكد نتائج 31 مارس الماضي، وهي فوز مرشح حزب الشعب الجمهوري ومرشح المعارضة التركية إمام أوغلو على منافسه مرشح حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية بن علي يلدرم، وجاءت نتائج الانتخابات بحصول إمام أوغلو على 54.6 في المئة، وحصول يلدرم 45.4 في المئة، وهذا فوز أعلى من الفوز الأول، وفي ذلك دلالات مهمة، منها:

أولاً: أن حزب العدالة والتنمية قد أخطأ برفض النتائج السابقة، بما أحدثه من صدمة للناخب التركي قبل ثلاثة أشهر، باعتبار الإعادة عدم ثقة باختياره وإرادته وتوجهاته، ولذلك كانت غضبة 16 مليون ناخب إسطنبولي أكبر منها في الانتخابات السابقة، فالفارق بينها أكثر من ثمانمئة ألف صوت، وهذا لم يسجل في إسطنبول من قبل.

ثانياً: إن الشعب في المدن الكبرى ـ وبالأخص في إسطنبول المعقل الأكبر لحزب العدالة والتنمية وللرئيس أردوغان ـ أصبح يبحث عن خلاصه على أيدي زعامات سياسية من خارج حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ سبعة عشر عاماً، وهذه رسالة مهمة للداخل التركي وخارجه.


الرسالة للداخل بأن الشعب يريد التغيير مهما كانت النتائج، فتولي حزب العدالة والتنمية وتوجهاته الأيديولوجية حكمت إسطنبول طوال خمسة وعشرين عاماً، وقد حقق فيها وفي عموم تركيا نجاحاً متميزاً بالنسبة لما سبقه، وأصبحت تلك الإنجازات شيئاً معتاداً وتاريخاً للأجيال الشابة، وهي القوى التي تسعى للتغيير وتملك القدرة عليه من خلال صناديق الاقتراع، وهذه الرسالة موجهة للخارج أيضاً، بامتناع القوى الخارجية عن التدخل في منافسات سياسية أو اقتصادية تعود بالسلب على الشعب التركي فقط، فالشعب التركي وحده قادر على اختيار من يخدمه من الأحزاب السياسية دون انقياد أيديولوجي ولا مؤامرات خارجية.


ثالثاً: أن المعارضة التركية بدأت تنتهج سياسة حزب العدالة والتنمية عند تأسيسه، وهي تقديم خطاب تصالحي يخاطب مصالح المواطن التركي الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية .. فالشعب التركي أصبح مثقلاً وكارهاً للخطاب الأيديولوجي للحزب الحاكم، والمعارضة استثمرت هذه الكراهية أولاً، وقدمت مرشحين غير مؤدلجين ثانياً، ولديهم حلول للمشكلات الاقتصادية ثالثاً، بدليل ارتفاع سعر الليرة بعد النتائج.

إن خسارة الحزب الحاكم لرئاسة إسطنبول هي بداية نحو مسار جديد، ليس على صعيد فوز شخصي أو حزبي لمرشح معين وإنما بوجود توجه شعبي يريد التغيير، فالشعب هو الذي يقود التغيير عبر الصناديق وليس الأفراد، وهذا تحدٍّ للفائز ومن يدعمه، ومحوره تحدي الإنجاز الاقتصادي أكثر من غيره، فهو معيار النجاح في السنوات الثلاث المقبلة.