الاثنين - 06 مايو 2024
الاثنين - 06 مايو 2024

من أوروبا إلى أفريقيا .. ماذا وراء المشهد؟

من أوروبا إلى أفريقيا .. ماذا وراء المشهد؟
الصدام السياسي القائم الآن بين الولايات المتحدة وإيران، بدأ يلقي بظلاله القاتمة على أحداث أخرى بالغة الأهمية، شهدتها مناطق عدة من العالم خلال هذا الأسبوع، يكمن أولها بتراجع النموذج الديمقراطي في مواجهة تقدم المدّ الشعبوي والقومي في أوروبا، وقد أبرزت التظاهرات الصاخبة التي شهدتها براغ أخيراً الميل القوي لشرائح عريضة من الشعب التشيكي للمطالبة بحوكمة صادقة ونزيهة، خصوصاً بعد النصر المؤزّر، الذي سجّله المرشح المعارض لنظام أردوغان في الانتخابات البلدية لمدينة إسطنبول، وهي الانتخابات التي أثبتت الرفض الشعبي العام للمنهج الذي تتبعه الحكومة التركية بزعامة رجب طيب أردوغان في داخل تركيا وخارجها.

ربما تكون هذه الأحداث لمصلحة التطورات المستقبلية في أوروبا والشرق الأوسط بشكل عام، وبدلاً من التحليق في أحلام استعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية القديمة التي عفا عنها الزمن، فإن بإمكان تركيا أن تستفيد أكثر من موقعها الاستراتيجي كجسر يربط بين قارة أوروبا والشرق الأوسط، حيث تمثل مدينة إسطنبول الرمز الدائم لهذا التواصل.

وفي القارة الأفريقية، كانت الأحداث المسجلة أخيراً أكثر إثارة للقلق، وكانت لها أهميتها الكبيرة أيضاً، ومن أبرزها صدمة واقعة الاغتيال التي حدثت في مدينة بحر دار، وهي العاصمة الإدارية لإقليم «أمهرة» في قلب إثيوبيا، وذهب ضحيتها رئيس وزراء الإقليم وقائد الجيش، وأوحت بمدى هشاشة النظام الذي يعرف باسم عملاق القرن الأفريقي على الرغم مما يسجله من نمو اقتصادي مثير للإعجاب، وبدوره كلاعب إقليمي له وزنه المؤثر.


ويعتبر التوصيف المؤسسي للدولة الإثيوبية الذي يعتبرها بأنها فيدرالية إثنية، السبب الأساسي للأزمات الدائمة التي يعيشها شعبها، الذي يتألف من خلطة موزاييكية من الأقوام. ويؤدي هذا الواقع المعقد إلى إضعاف قدرة الحكومة المركزية على وضع سياستها، التي تهدف إلى تكريس الاستقرار في المنطقة كلها، وربما يؤدي هذا الوضع إلى تهديد السلام والتنمية في كل المنطقة، التي تجاور البحر الأحمر وخليج عدن، إضافة إلى حوض نهر النيل ومنطقة البحيرات العظمى الواقعة إلى الجنوب.


وهناك تطورات أخرى اجتذبت قدراً أقل من الاهتمام، ومنها: عودة العنف إلى الأقاليم الشرقية من جمهورية الكونغو الديمقراطية، وأدت إلى نزوح جماعي للاجئين باتجاه حدود أوغندا هرباً من بطش الجماعات المسلحة، ويحدث هذا في وقت تتصاعد فيه حدة التوتر السياسي بين أوغندا ورواندا.

ووراء هذه السياسات والطموحات السياسية المتضاربة، تكمن قصة «السباق نحو أفريقيا»، لأن المناطق التي تشهد هذه النزاعات غنيّة بالخامات المعدنية المختلفة التي توصف بأنها ستكون ذات استخدامات حساسة ومهمة في فترة ما بعد اقتصاد النفط، مثل: الكوبالت والليثيوم الضروريان لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية، ومن ثم فإن هذه الأحداث تعزز الحاجة لآليات عمل دولية أو إقليمية للنظر في التطورات السياسية والاقتصادية التي تشهدها هذه المنطقة من القارة الأفريقية، وكل هذا حتى نتجنب تحوّلها إلى «غرب أقصى جديد خارج عن القانون».