الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

ترامب.. نمر من ورق أم داهية سياسية؟

ترامب.. نمر من ورق أم داهية سياسية؟
استيقظت أوروبا الأسبوع المنصرم على وقع أخبار سارة، من وجهة نظرها، جاءتها من الولايات المتحدة، فبعد أن قرعت طبول الحرب بشدة في الشرق الأوسط والخليج العربي، فها هو دونالد ترامب يتراجع في آخر لحظة عن توجيه ضربة عسكرية لإيران.

وزاد من ذهول الأوروبيين العذر الرسمي، الذي قدمته الإدارة الأمريكية لشرح هذا التراجع وهو: أن ترامب الشديد العدوانية على شبكات التواصل الاجتماعي، الرافع الشرس للواء العقوبات الاقتصادية ضد القوى المنافسة مثل الصين والاتحاد الأوروبي، لا يتحمل فكرة سقوط مئة وخمسين ضحية إيرانية كفاتورة جرأة نظام طهران على القيام بأعمال تخريبية اتجاه منشآت نفطية خليجية وإسقاط طائرة بدون طيار أمريكية.

كُتب الكثير في افتتاحيات الصحف العالمية عن الظروف الدراماتيكية لهذا المنعطف الأمريكي، وانقسمت الآراء بين متهكم ومهلل.. بين سخرية لاذعة وإعجاب مفاجئ، وتختصر في مقاربتين، الأولى: تصف ترامب بالنمر الكارتوني المكون من ورق هش، يزمجر في الهواء دون إحداث صوت تقشعر له الأبدان أو حركة تهتز لها الفرائص.. جاء إلى الحكم بالصدفة من عالم العقار البعيد عن شجون السياسة الدولية.


أما المقاربة الثانية، فتنعته بالداهية السياسية الذي أقنع منتقديه عبر تصرفاته المتناقضة بأن بإمكانه أن يزج بالعالم إلى الهاوية عبر إشعال فتيل مواجهة شاملة، وأنه في آخر المطاف فضل تحكيم العقل، ونظراً لرهانات هذه المعركة على المستوى الإقليمي والدولي فإن مكاسب الرئيس ترامب الرمزية والمعنوية لا ثمن سياسي لها، فهو يضرب عصافير متعددة بحجر واحد، يظهر للرأي العام الأمريكي خصوصاً، الجانب المعادي له، في مرحلة انتخابية حساسة بأنه ليس بالرجل المتهور، المغامر المراهق سياسياً كما يقول بعض مناهضيه الديموقراطيين، بل هو قادر على تقمص شخصية العاقل المعتدل، الذي يضع مصلحة الاستقرار العام قبل حسابات الحرب الآنية.


وهو أيضاً يستقطب الأوروبيين، الذين يصرون على إبقاء إيران وسياستها العدوانية تحت مجهر ومراقبة المجموعة الدولية، ويربحهم كلاعب أساسي في مسلسل الضغط الاقتصادي والسياسي على إيران لإرغامها على قبول صيغة جديدة لاتفاق فينيا تكون دول الخليج العربي طرفاً أساسياً في مقتضياته، يطال برنامج إيران الباليستي، وأنشطتها العدوانية في المنطقة، وعبثها بالأمن القومي لبعض الدول العربية.