السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

تركيا في بلاد العرب من جديد

الوضع في ليبيا لم يعد معقداً فقط بل بدأ يأخذ طابع السيريالية في أحداثه وتطوراته اليومية وآخرها التجاذبات مع تركيا، فبعد أن تم إنكار احتجاز الجيش الليبي لبعض الأتراك، جرى، خلال أقل من 24 ساعة، الإفراج عن هؤلاء الأتراك، بعد تهديدات تركية شديدة اللهجة!

الأمر في ليبيا وفي طرابلس بالتحديد يطرح تساؤلاً كبيراً، وهو من الذي يحكم ويتحكم في الوضع على الأرض العربية الليبية؟ وما هو الدور التركي هناك؟

المشهد الليبي بحاجة إلى تمعن، والتصرفات التركية بحاجة إلى متابعة يومية، ومنذ أيام نشرت صحيفة أكشام الموالية للحكومة التركية صورة لأردوغان بجانب عنوان عريض يقول: «متصدر في سبع دول بفارق كبير»، وكان ذلك بعد خسارة حزب العدالة لانتخابات بلدية إسطنبول مباشرة.. فهل أصبحت تركيا تتفاخر بأنها تُمارس احتلال دول عربية كما تفاخرت طهران منذ سنوات بأنها تحتل أربع عواصم عربية؟


الحقيقة أنه منذ المحاولة المريبة للانقلاب العسكري الأخير في تركيا، عمل الرئيس رجب طيب أردوغان على الزج بالقوات المسلحة التركية في معارك خارج الحدود.


فتركيا تحتل حالياً أجزاء غير قليلة من الشمال السوري، وتتمركز ليس فقط بقوات مراقبة لخفض التصعيد، لكن أيضاً بمدرعات ودبابات وطائرات من طراز F16، فضلاً عن بطاريات مدفعية وآلاف الجنود.

وهي تتدخل براً عبر القوات الخاصة، وجواً عبر الطيران الحربي والمروحيات القتالية في شمال العراق، فضلاً عن إصرارها على التواجد العسكري في قاعدة بعشيقة رغم رفض الحكومة العراقية.

كما أصبحت هناك قاعدة عسكرية تركية، هي الأولى من نوعها في الخليج وتحتضنها قطر.

وتركيا ليست بعيدة عن أفريقيا، ففي عهد الرئيس السوداني السابق عمر البشير سعت لإقامة ذراع تركية في البحر الأحمر، عبر السيطرة على ميناء سواكن الاستراتيجي.. كما أنها لا تتوقف عن تعزيز وجودها على جميع الأصعدة في الصومال.

في ليبيا، هي تدعم رسمياً ميليشيات حكومة الوفاق الإخوانية ليس سياسياً ومالياً فقط، لكن أيضاً عبر رحلات شحن بحري لإمداد الميليشيات بمدرعات تركية الصنع، تحرص أنقرة بشدة على تزويد المسلحين والميليشيات بأسلحة من إنتاجها المباشر، وذلك لتجنب أي اعتراض دولي من شركات الأسلحة الكبرى، كما أصبح واضحاً استخدام تركيا أراضي الدول العربية لاستعراض السلاح التركي كمنتج قابل للتصدير، وكأن الدول العربية معرض أسلحة مفتوح لاستعراض المنتجات التركية!

فهل نحن أمام أحلام أردوغان بعودة الأتراك إلى بلاد العرب وأحلام الإمبراطورية العثمانية؟!