السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

الأمية الرابعة!

كم هو محظوظ جلينا الذي عاش جميع التغيرات، بداية من إزالة الأمية الكتابية والتي تجاوزناها تماماً في الإمارات منذ سنوات، على الرغم من أن نسبتها في العالم العربي تبلغ 25 في المئة في الوقت الراهن، كما أننا نجحنا في تجاوز الأمية الثقافية بفضل شغف جيلنا بالقراءة والمعرفة، والآن قهرنا الأمية الإلكترونية.. محظوظون نحن لأننا عشنا تفاصيل جميع هذه التغيرات، وهو الأمر الذي يمنحنا سعة في الأفق، وعمقاً في الرؤية.

واليوم يعيش مجتمعنا ومعه بقية المجتمعات العربية مرحلة جديدة، يمكننا أن نطلق عليها «الأمية الرابعة» أو «أمية السوشيال ميديا»، والأمر لا يتعلق بعدم مقدرة البعض على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن يرتبط بالأبعاد القانونية للتعامل مع المؤسسات الكبيرة التي تملك وتدير منصات السوشيال ميديا، وما أعنيه هو كيفية التصدي للمحتوى الذي يهدد أمن دولنا سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو الأخلاقية.

لا توجد دولة عربية واحدة لديها آلية لمخاطبة مؤسسات السوشيال ميديا سواء جوجل أو يوتيوب أو تويتر وفيس بوك وغيرها، فقد جذب انتباهي في الفترات الأخيرة ما يقوم به «أسامة فوزي» ضد الإمارات والدول الخليجية عموما؟.. فهل لا نملك الفرصة على ملاحقته قانونياً عبر مخاطبة المؤسسات المسؤولة عن مواقع التواصل الاجتماعي؟، وهذا مجرد مثال ونموذج للتوضيح، والحقيقة أن القضية أكثر عمقاً من ذلك بكثير، فالأمر يتعلق باستخدام هذه المنصات من جانب القوى الإرهابية، كما أن هناك محتوى ينال من أخلاقيات مجتمعنا، ودعاية موجهة ضدنا.


الدول الأوروبية وأميركا التي تحتضن هذه المؤسسات لا تتوقف عن محاسبتها حينما ترتكب تجاوزات، كما أن الهند وبعض الدول النامية لم تتوقف يوماً عن ملاحقة يوتيوب وغيره من المنصات، وقد حان الوقت لكي ندرك أهمية التعامل مع تلك المؤسسات، ومعرفة الجوانب القانونية من أجل مخاطبتها، ومحاسبتها باعتبارها مسؤولة في نهاية المطاف عن المحتوى.


ما أريد التأكيد عليه أن هذا التوجه لا علاقة له بحرية التعبير، بل بضرورة أن يتوفر لدينا الوعي للتصدي لمخاطر هجمات السوشيال ميديا.. فهل تقوم جامعة الدول العربية مثلاً بتأسيس إدارة تقوم بهذا الأمر؟، وإذا لم تكن جامعة الدول العربية مؤهلة لهذا الدور فهل يتحرك مجلس التعاون الخليجي للقيام بالمهمة؟.

على أي حال تبقى الإمارات المكان الأفضل لاحتضان هذه الإدارة أو المؤسسة المسؤولة عن مخاطبة مؤسسات التواصل الاجتماعي، وهذا أحد أهم شروط نجاحها.