الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

شهرزاد أمريكا اللاتينية

لم تكن الروائية التشيلية إيزابيل الليندي تفكر بكتابة رواية وأن تصبح واحدة من أشهر الروائيات في العالم، فقد دشنت حياتها موظفة صغيرة في منظمة للأمم المتحدة، ثم بالمصادفة تحولت إلى قراءة البرامج الوثائقية في التلفزيون، وقادها ذلك إلى العمل في الصحافة الساخرة، وكتابة توقعات الأبراج والتحقيقات الصحفية المميزة، التي لفتت إليها اهتمام الشاعر التشيلي بابلو نيردوا وطلب منها زيارته في البيت، وهناك قال لها بعد حديث شيق: لا بد من أنك أسوأ صحفية في هذه البلاد يا ابنتي، إنك عاجزة عن أن تكوني موضوعية، فأنت تضعين نفسك في وسط كل شيء، ويخامرني الشك في أنك تكذبين كثيراً وعندما لا تجدين خبراً تخترعينه بنفسك.. لماذا لا تتجهين لكتابة الرواية؟ إنها أفضل لك.. فهذه النقائص تتحول إلى فضائل في الأدب.

لم تأخذ الصحفية الشابة نصيحة الشاعر الحاصل على جائزة نوبل للآداب مأخذ الجد، واصلت عملها في الكتابة الساخرة في المجلة وكتابة بعض المسرحيات البسيطة حتى بلغها مرض جدها الذي تربت في بيته وهو في التسعين من عمره ويقترب من نهاية حياته فبدأت بكتابة رسائل إلى هذا الجد، سرعان ما ضلت طريقها وتحولت إلى رواية «بيت الأرواح» التي ترجمت لأكثر من ثلاثين لغة، وتحولت إلى فيلم سينمائي من بطولة ميريل ستريب.

إيزابيل الليندي مثل ماركيز تقول إنها تأثرت بكتاب ألف ليلة وليلة وتعلمت من تجاربها في الحياة أن تكون حكاءة بارعة.


في رواياتها «باولا» عاودت التجربة وكتبت لابنتها المريضة الخارجة عن وعيها رسالة طويلة بنصيحة من وكيلتها الأدبية لكي تقاوم الحزن، الذي رافقها وهي تتمسك بابنتها في المستشفى المدريدي البعيد عن بيت الأم.. رسالة طويلة تخاطب بها جسد البنت الذي يتمدد على سرير هو أقرب إلى الموت منه إلى الحياة. وخلال «376» تعيش مع هذه المبدعة العظيمة تفاصيل في التاريخ والجغرافيا والسياسة والحب والزواج والفن والأدب والمطبخ والكتابة.


إيزابيل الليندي هي شهرزاد أمريكا اللاتينية التي لا تخاف أن يدركها الصباح، فهي تنتصر على شهريار الحياة القاسية بالكلام غير المباح.إيزابيل الليندي تأثرت بكتاب ألف ليلة وليلة وتعلمت من تجاربها أن تكون حكاءة بارعة