الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

مغرب الشعوب.. وفشل الأنظمة

لم تحتج شعوب المغرب العربي لتظاهرة كأس أفريقيا للأمم لكرة القدم 2019 المقامة في مصر، لتدرك قوة الروابط المشترك بينها، فالفعالية الرياضية الأخيرة، بينت أن الشعوب المغاربية تتجاوز أنظمتها في ما يتصل بالوعي بالمشتركات، حيث كانت شعوب المغرب العربي «خاوة خاوة» (وصف جزائري عن الأخوّة) في تلك التظاهرة وفي ما قبلها، وستكون كذلك في ما سيأتي من وقائع الأيام.

القول إن الشعوب تتجاوز أنظمتها، منذ تحقق الاستقلالات الوطنية، ليس قولاً عاطفياً أو شعبوياً.. فقد أثبتت شعوب المغرب العربي في كل الوقائع المتواترة أنها واعية بكلفة «اللامغرب»، ومدركة لحكم الخسارات المترتبة عن تأخر الأنظمة عن تحويل المشتركات إلى مكاسب اقتصادية واجتماعية وسياسية في زمن التكتلات الإقليمية الكبرى، لذلك لم تكن غريباً رؤية الأعلام الجزائرية في مقابلات المنتخب التونسي لكرة القدم، أو العكس، أو رؤية جماهير مغربية حتى بعد خروج منتخبها من الدورة، تناصر تونس أو الجزائر.

العلاقات المتطورة بين الشعوب المغاربية عموماً، وبين الشعبين الجزائري والتونسي خصوصاً، هي ظاهرة اجتماعية جديرة بالانتباه، وهي ليست وليدة اللحظة الرياضية التي تدور في مصر، بل يمكن استدعاء وقائع كثيرة دالة عليها من التاريخ.


توطدت العلاقات قبل الاستقلال، واشتركت الشعوب في نضالاتها الوطنية وتقاسمت الشعوب رموزها الوطنية، بحيث كان فرحات حشاد والأمير عبد القادر الجزائري وعلال الفاسي، أكثر من قادة في أقطارهم، بل كانوا رموزاً مغاربية مشتركة.


امتدت الصلات الشعبية زمن بناء الدول الوطنية، ولو أنها تأثرت بتوترات سياسية من حين لآخر، لكن الشعوب واظبت على النظر بعيداً عن نظر الأنظمة، وفي منعرجات الربيع العربي، تعاطفت الشعوب المغاربية مع ثورة تونس، بشيء من الحذر المفهوم، وساند التونسيون الجزائريين في اختبارات الإرهاب التي مروا بها.

وكانت واقعة عام 2013 حين شن مسلحون ينتمون لمجموعة تتبع تنظيم القاعدة هجوماً على وحدة إنتاج الغاز في عين أميناس جنوب شرقي الجزائر، مثالاً على التعاطف والمساندة، واليوم يرقب المغاربيون الحراك الجزائري بإعجاب مشوب بحذر وخوف.

في كأس أفريقيا للأمم 2019، تسلحت المنتخبات المغاربية بدعم جماهيري مغاربي مشترك، وإن كنا لا ننفي وجود التعاطف العربي، إلا أن العواطف المغاربية كانت أكثر وضوحاً واتقاداً.

تعي الشعوب المغاربية مشتركاتها الكثيرة، ولا تتردد في التعبير عن توقها لتحويل هذه المشتركات إلى جسم سياسي مغاربي كبير موحد، وهي أكثر وعياً من أنظمتها بالخسارات المترتبة عن «اللامغرب».