السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

السِّر الأكبر في السينما

كتاب «أفلام حياتي»، تأليف المخرج فرنسوا تريفو (1932-1984) ــ ترجمة السعيد بوطاجين ــ عبارة عن نقد سينمائي لمجموعة من الأفلام، يعد إضافة نوعية للقارئ العربي الذي له اهتمامات بالخطاب السينمائي، أو الذي يريد معرفة مراحل صناعة الفيلم وأسرار الكتابة والسيناريو وغيرها.

يضم الكتاب في قسمه الأول «السر الأكبر»، وهو مخصص لمخرجين بدأوا حياتهم المهنية مع السينما الصامتة وأكملوها في الناطقة، أما القسم الثاني الذي جاء بعنوان «بعض قليلي الحظ»، فهو يشير إلى مخرجين قدموا أفلاماً عظيمة، ولكنهم لم يأخذوا حظهم من الأضواء كـ إنجمار برجمان، ونورمان ماك لارين.. إلخ، وينتهي الكتاب في قسمه الثالث بمناقشة مسألة «أصدقاء الموجة الجديدة».

الناقد والمخرج فرنسوا تريفو لم يلتزم بمنهج واضح في النقد، ففي هذا الكتاب شيء من الانطباعية وشيء من السيميولوجيا والكثير من الإلمام بالفن السينمائي وتركيباته: الفكرة، النص، السيناريو، الإخراج، الديكور، الإضاءة، التمثيل، الاقتباس.. إلخ.


يتعامل تريفو بحسب المترجم السعيد بوطاجين مع الفيلم المغلق تارة ومع الفيلم في علاقته بالعالم الخارجي تارة أخرى، بسياق الإنتاج وسياق التلقي، وعادة ما يتناول التفاصيل بدقة متناهية وبمهارة، والأهم أنه لا يتحامل ولا يجامل.


في هذا الكتاب نرى أن فرنسوا تريفو المخرج كان حذراً ومختلفاً عن تريفو الناقد المغامر، مدمن السينما، المتهور أحياناً، فالسينما بالنسبة لــ تريفو كان لها تأثير المخدرات، إلى درجة أن نادي السينما الذي أسسه عام 1947 حمل اسماً موحِياً، «حلقة مدمني السينما».

كانت متعة مشاهدة الأفلام بالنسبة إلى المخرج فرنسوا تريفو تعود إلى عام 1942، عندما قرر ذات يوم عدم الذهاب إلى المدرسة والهرب لمشاهدة فيلم «زوار المساء» للمخرج مارسيل كارني، وكان ثمن هذا الهروب الشعور بآلام حادة في البطن، المعدة، والخوف في الرأس.

وهنا قال: «كانت لي رغبة في الدخول على الأفلام، وكنت أحقق ذلك بالاقتراب من الشاشة، كنت أرفض أفلام العصر، أفلام الحرب لأنها تجعل التقمص صعباً.. بقيت لي، وعن طريق التصفية، الأفلام البوليسية والأفلام العاطفية».

ما عرفه تريفو أنه كان يريد الاقتراب من السينما أكثر فأكثر، وأولى مراحل هذا التعرف على السينما كانت بمشاهدة أفلام كثيرة، أما الثانية فتتمثل في تدوين اسم المخرج أثناء الخروج من القاعة، وتتمثل الثالثة في إعادة مشاهدة الأفلام نفسها.