الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

العراقيُّون.. وهدف «بغداد» الحاسم

العراقيُّون.. وهدف «بغداد» الحاسم

الكاتب معد فياض

لست متعوِّداً على الكتابة عن الرياضة، بل إني أسوأ محلل رياضي عرفته، كما لا أريد أن أنافس الزملاء في القسم الرياضي، لكني تأكدت أن الرياضة توحد الشعوب فيما السياسة تفرقها، وهذا ينطبق على شعوبنا العربية كما على الشعوب الغربية.

وفي العمل الصحافي كنت، ولا أزال، أغبط الزملاء في الأقسام الرياضية لأنهم لا يتعبون في إيجاد الأخبار الرياضية، وقراؤهم أكثر من قراء ومتابعي السياسة أو الثقافة.

أسوق هذه المقدمة، وأنا أتحدث عن هدف لاعب المنتخب الجزائري «بغداد بونجاح»، الذي أحرز به الفوز الحاسم لبلاده لتتوج الجزائر بطلة أفريقيا في كرة القدم.


هنا، حيث أنا حالياً في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، والتي تجمع غالبية من العراقيين الأكراد والعرب والتركمان بمختلف اتجاهاتهم وأديانهم ومذاهبهم، احتشدت المقاهي، كما في بغداد وباقي المحافظات العراقية، نهاية الأسبوع الماضي، بجمهور عريض ومتحمس لمتابعة نهائي بطولة كأس أفريقيا لكرة القدم وتشجيع منتخب الجزائر الشقيقة، وكانت الأفراح بفوز الجزائر كما لو أن المنتخب العراقي هو الفائز.. المفارقة التي جاءت متناغمة مع المشاعر القومية والأخوية هي: أن من أحرز الهدف يحمل اسم بغداد، وبقي المعلق يردد «هدف بغداد الحاسم».


رياضي جزائري من شمال أفريقيا العربية يحمل اسم عاصمة العراق الذي يقع في قلب المشرق العربي، يرفع اسم بغداد والجزائر في آن واحدة ويسعد جمهور بلدين، بل غالبية بلدان العرب إن لم تكن جميعها، ويوحدها في مناسبة رياضية بحتة، بينما عجزت وتعجز السياسة وممارسات غالبية السياسيين العرب عن تحقيق مثل هذه اللحظة من السعادة للشعوب العربية، بالرغم من الإمكانيات الاقتصادية والعسكرية والسياسية للقادة العرب.

سألني كردي عراقي في المقهى: «لماذا اسمه بغداد وهو جزائري؟».. تذكرت مبادرات الحكومات العراقية منذ العهد الملكي مروراً بالعهود الجمهورية التي دعمت الجزائريين في نضالهم ضد الاستعمار الفرنسي، وحملات إرسال مدرسي اللغة العربية إلى الجزائر، وتظاهراتنا يوم كنا في المدارس ونحن نهتف: «يا ديغول اطلع برة.. والجزائر صارت حرة».

كان من الطبيعي أن يطلق أحد الجزائريين اسم بغداد على ابنه، وأن يحسم هذا الابن بطولة أفريقيا لصالح بلده، ويقترن اسم الإنجاز الرياضي ببغداد.

أتساءل: كم من لحظات أو ساعات فرح نحتاج إليها نحن الشعوب العربية؟، ولماذا لا يتعلم السياسيون العرب من الرياضيين لخلق مثل هذه الفضاءات السعيدة؟