الأربعاء - 08 مايو 2024
الأربعاء - 08 مايو 2024

تركيا والغرب على مفترق طرق

تقف تركيا على مفترق طرق تاريخي في علاقاتها مع الغرب، فأمريكا تدرس وضع عقوبات على تركيا بعد صفقة الصواريخ الروسية أس 400، كما أوقفت تعاونها العسكري لإنتاج الطائرة الحربية أف 35 والتدريب عليها، والبيت الأبيض يدعو الكونغرس لفرض عقوبات على تركيا، كما تدعو شخصيات سياسية أمريكية إلى اعتبار تركيا حليفاً غير موثوق به بعد توجهاته المتزايدة نحو روسيا وإيران، وهما من الدول الأكثر عداء للولايات المتحدة الأمريكية خاصة، وللغرب عامة.

وفي الجبهة الأوروبية صعدت تركيا في صراعها من خلال إرسال سفن التنقيب عن الغاز الطبيعي إلى مياه البحر المتوسط الشرقية، قبالة سواحل قبرص، بالرغم من التحذيرات الأوروبية واعتبار الإجراءات التركية استفزازات متعمدة.

هذا يعني أن تركيا مقبلة على مرحلة صعبة في علاقتها مع الغرب، لأنها مطالبة أن تتحمل مسؤولية سياستها الصدامية معه، الأمر الذي جعل المعارضة التركية تتبنى سياسات تقاربية مع الغرب لإرضاء الشعب التركي والهدف من ذلك الفوز في الانتخابات مستقبلاً.


الرؤى التحليلية الأخرى للسياسات الغربية نحو تركيا هي: عودة العلاقات التركية الغربية إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية، وقبل تأسيس الاتحاد الأوروبي، وقبل نشوء حلف شمال الأطلسي، حيث لم تعد هناك حاجة أمنية ولا عسكرية كبيرة لتركيا بعد انهيار حلف وارسو، وما يتبقَّى هو العلاقات الاقتصادية، والتي تدعو فرنسا وألمانيا إلى إعطائها الأولوية في تنظيم العلاقات الأوروبية مع تركيا في حالة عدم إتمام الانضمام الكامل للاتحاد الأوروبي لأسباب أيديولوجية غربية.


لن يكون التباعد بين تركيا والغرب قريباً، وسيكون المعيار الحقيقي له هو في مرحلة ما بعد حزب العدالة والتنمية، فتولي دفة السياسة التركية أحد الأحزاب التركية المعارضة في الانتخابات المقبلة سيضع الدول الغربية والاتحاد الأوروبي والناتو على المحك الدقيق إن كانت مواقفها ضد سياسات وأحزاب معينة أم ضد تركيا وشعبها المسلم بشكل عام، لأن الإشكالية التي تواجهها أوروبا والغرب هي ظهور تيارات اليمين المتطرف وموجات الخوف على الهوية الأوروبية أو الإسلاموفوبيا، داخل الدول الأوروبية وليس مع تركيا فقط.

ليس من السهل أن تقدم الدول الأوروبية وأمريكا على إبعاد تركيا من الناتو، لأنها لا تزال عضواً ملتزماً بشروط عضويته في الحلف، وقد تم الاستثمار في تركيا وخاصة في البنية التحتية العسكرية والأمنية خلال سبعة عقود الأمر الذي يُصعِّب على الغرب مسألة اللجوء إلى القطيعة التامة.