السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

إيران.. والاستثمار في «التلويح العربي»

شكلت إيران خلال العقود الأربعة الماضية خطراً فعلياً على المنطقة، من خلال رغبتها المعلنة بتصدير ثورتها إلى جيرانها، ومن هنا كانت البداية لخلق أزمة بهذا الحجم الذي تشهده المنطقة، وتكررت الأفعال الإيرانية المعادية لكل دول المنطقة، وتدخلت إيران من خلال سياساتها القائمة على بناء جيوش وأحزاب وجماعات موالية لها في لبنان والعراق واليمن، إضافة إلى محاولات مستميتة لاختراق النسيج الاجتماعي والأيديولوجي، في عدد من الدول العربية تحت غطاء طائفي أو غطاء سياسي أحياناً.

السؤال هنا: ما الذي تريد إيران الوصول إليه من كل هذا المشروع؟، وهل لا تزال تعتقد أن بإمكانها تحقيق النجاح، خصوصاً بعد انفراط طموحها إلى مرحلة رغبت فيها في الحصول على السلاح النووي..؟.

هناك قاعدة دولية مهمة تتفهمها إيران بشكل جيد.. تلك القاعدة تقول: إن حصول إيران على سلاح نووي لن يتحقق لأنه لا أحد يريد أن تدخل المنطقة في سباق تسلح يمكن للمنطقة أن تنحرف إليه ببساطة نتيجة إمكانياتها المادية المتفوقة، حيث يمكنها الحصول على أسلحة نووية قد تتجاوز ما تخطط إيران للحصول عليه.


المساحة الجغرافية التي تعيش وسطها إيران، أي الدول العربية المحيطة بها لن تسمح بتمرير المخاطر الإيرانية بشكل مجزّأ، بمعنى دقيق تدخلات إيران في المنطقة وسلوكها التوسعي يقف بنفس الدرجة من محاولتها الحصول على سلاح نووي، أي أن عليها أن تقلع عن كل أفكارها إذا كانت ترغب في العيش بسلام مع جيرانها، لأن الأسهل لدى الدول المحيطة بها أن تمارس عملاً سياسياً يجعل من إيران مستهدفة من دول العالم الكبرى حتى لـ 20 سنة مقبلة.


إيران عليها استثمار التلويح العربي الراغب في تعديل مسار الأزمة لصالحها، إذا ما كانت مستعدة لتغيير سلوكها في المنطقة، وإذا لم تستثمر هذا التلويح، فإن الأزمة الإيرانية سوف تتحول إلى مرض سياسي يقلق المنطقة والمصالح الدولية، وعندها سيقرر العالم استئصال هذا المرض بشكل دقيق.

التحليل السابق ليس من باب التمني ولكن من باب القراءة الدقيقة للتاريخ، لأنه من المستحيل أن يسمح العالم الغربي تحديداً لإيران بتهديد مصالحه في المنطقة، وفي المقابل فإن جيران إيران دول مؤثرة في السياسات العالمية واتجاهاتها، لذلك لن تتوقف عن المطالبة بتقييد إيران التي تشكل مخاطرها أزمة لكل العالم.