الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

وماذا بعد انتهاء مظاهرة طهران؟

وماذا بعد انتهاء مظاهرة طهران؟
كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعلم أنه فشل مع كوريا الشمالية حتى الآن، ولم ينجح مع فنزويلا، وأخفق مع المكسيك، وكان يراقب عودة الروس إلى الشرق الأوسط بقواعدهم العسكرية مع كل ما أصاب الاتحاد الأوروبي، وانسحاب إنجلترا، وخروج أوروبا من العصمة الأمريكية، ولهذا جعل من الشرق الأوسط والبترول وإسرائيل أهم قضاياه، فقدم القدس هدية ليهود أمريكا من أجل فترة رئاسية ثانية، أما الجولان فهى الهدية الثانية، ثم جاء السجال مع طهران.

وكان واضحا أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تضرب إيران، ولكنها وجدت سبباً يعيد لها شيئا من نفوذها الضائع في إدارة البيت العالمي، وعلى جانب أخر، فقد خلقت الولايات المتحدة شبحاً جديداً يهدد دول المنطقة اسمه «إيران»، حيث كانت إسرائيل هي العدو الأول لدول المنطقة وشعوبها طوال ستين عاماً، وأمام ما حدث من انهيارات فى هذه الدول، فإنها لم تعد تمثل تهديداً لإسرائيل بما فى ذلك المقاومة الفلسطينية التى انقسمت على نفسها، وقبل هذا كله فإن وراء الوجود الأمريكي في المنطقة فرصة لإنعاش الاقتصاد الأمريكي من خلال صفقات سريعة تدعم شركات السلاح والتكنولوجيا.

لقد كانت مظاهرة إيران ومضيق هرمز أهم المكاسب التي حققها ترامب منذ تولي السلطة، فصنع شبحاً جديداً يخيف به العالم العربي في أسوأ حالات ضعفه وانهياره، و جنّب إسرائيل عداوات كثيرة وجعلها تشعر بالأمان لأول مرة فلم تعد هدفا لأحد.


إن مظاهرة إيران لن تكلف أمريكا شيئا، فلا هي حاربت ولا فقدت جندياً واحداً، واقتصر الأمر على طائرات بلا طيار أو اختطاف سفينة هنا أو حاملة بترول هناك.


إن إيران لا تشعر بأى تهديد، بل إنها في مظاهرتها مع أمريكا تحقق سمعة دولية ووجوداً لم تصل إليه، وإن الأخطر من ذلك أن عملية إيران أبعدت قليلاً النفوذ الروسي من الصورة، وأعادت لأمريكا سابق عهدها في المقدمة، وكان نجاح ترامب الحقيقي أنه فرض على الثلاثي إنجلترا، وفرنسا، وألمانيا أن يكونوا شركاء، إما دعماً لأمريكا أو انتظاراً للغنائم أو بحثا عن أدوار.

وهذا يعنى أن دخول فرنسا، وانجلترا، وألمانيا لدعم الموقف الأمريكي هو رسالة لأطراف أخرى مثل الصين وروسيا، وإن كانت إيران هي المستفيد الأكبر فى كل هذه التطورات ومعها بالطبع صائدة الغنائم إسرائيل.

ولم تكن أبداً إيران بهذا الحجم الذي يمكنها من تحريك كل هذه القوى الدولية، لكي تحشد جيوشها وسفنها وأساطيلها في مضيق هرمز، ولكنه البترول.

والشيء المؤكد أن طهران نجحت فى أن تثير المارد الأمريكي وحلفائه، وأن تؤكد وجودها كقوة أصبح من الصعب التعامل معها عسكريا، ولعل هذا ما يؤكد أن أبواب التفاوض سوف تكون هي الحل والبديل.

إن السؤال الآن: أين العالم العربي، وأين شعوبه، وأين مصالحه، وأين أرضه وبلاده؟، وإن الشيء المؤسف أن تدار شؤونه من خلال الآخرين، بينما يقف متفرجاً، فهل سيأتي يوم تكون مصائرنا بأيدينا؟!.