الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

الأمن في الخليج بعيون روسية

يوم 23 يوليو 2019، عقد المبعوث الخاص لرئيس الاتحاد الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا ونائب وزير خارجية روسيا، ميخائيل بوغدانوف، اجتماعاً في مقرّ وزارة الخارجية لاستعراض الرؤية الروسية للأمن الجماعي في الخليج العربي، بحضور ممثلين للدول العربية، وإيران، وتركيا، والأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن، والاتحاد الأوروبي، والجامعة العربية، ودول مجموعة «البريكس» الأربع (البرازيل وروسيا والهند والصين).

وفي سياق عرض أفكار الاجتماع لتهدئة الأوضاع في الخليج، تم التشديد على أنّ تشكيل نظام شامل وفعّال لتحقيق الأمن الإقليمي، هو الحل الوحيد الذي يمكنه أن يشكل أساساً لضمان مستقبل مُشرق لكل شعوب هذه المنطقة الاستراتيجية المهمة من العالم.

وتتلخص المبادئ الأساسية لهذا المفهوم في الالتزام الصارم بالقانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن، حيث تُرجمت هذه الرؤية إلى وثيقة تحمل مهمة استراتيجية بعيدة المدى، تدعو لاستحداث آليّة عمل متكاملة للأمن الجماعي والتعاون في الخليج بمشاركة دول المنطقة كافة.


إن الاضطرابات العسكرية والسياسية التي شهدناها خلال السنوات الأخيرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والوتيرة المتسارعة لخطر الإرهاب في هذا الجزء من العالم الذي يختزن احتياطيات ضخمة من مصادر البترول والغاز، تحمل في طيّاتها تداعيات خطيرة على العلاقات الدولية والاقتصاد العالمي وأمن الطاقة، لذا فإن ضمان الأمن في منطقة الخليج ذات الموقع الاستراتيجي أهم القضايا الإقليمية في وقتنا الراهن.


ومن الممكن أن تتجلّى بداية العمل الفعّال لإطلاق عملية تشكيل نظام أمن حقيقي في الخليج العربي، بإجراء سلسلة لقاءات تشاورية على المستويات الثنائية متعددة الأقطاب للدول الإقليمية وغير الإقليمية والمؤسسات المعنيّة، ومنها مجلس الأمن والدول الأعضاء في الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي.

وفي سياق هذه الاتصالات، يمكن تشكيل مجموعة عمل تأسيسية للتحضير لمؤتمر دولي حول الأمن والتعاون في المنطقة، ويُنتظر من هذه المجموعة أن تتفق على تحديد وتسمية النطاق الجغرافي للنظام الأمني المستقبلي، ومجموعة الأعضاء المشاركين فيها، وأجندتها، ومستوى التمثيل فيها، ومكان انعقاد منتداها، والتحضير لعرض مشاريع قرارات أساسية تتضمن التعريف المحدّد لمفهوم الأمن والثقة، ووضع معايير المراقبة.

وحالما يتم إحراز تقدم في تشكيل وبلورة النظام الأمني المذكور، يتم إطلاق سلسلة محادثات لتخفيض الوجود العسكري الأجنبي في المنطقة، ووضع أسس عامة لبناء الثقة المتبادلة بين دولها وبقية دول العالم.

ويكمن الهدف الأساسي بعيد المدى لهذا المسعى في تأسيس منظمة للأمن والتعاون في الخليج العربي تضم دول مجلس التعاون الخليجي، وروسيا، والصين، والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والهند، وتكتفي بقية الدول المعنيّة بدور الأعضاء الملاحظين والمساعدين.

إن روسيا كدولة على أهبة الاستعداد والجاهزية الآن للتعاون مع كل الأطراف لتحقيق هذه الأهداف البنّاءة في منطقة الخليج العربي، إذ لا بدّ من بذل الجهود لحل الصراعات المزمنة وخاصة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، لأن ذلك يمثل عاملاً مهماً للاستقرار في الشرق الأوسط، الذي قد تمتد تأثيراته إلى كل المعمورة.