السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

فلسطين الورقة الخاسرة بأيديهم..

لفلسطين في وجداننا العربي مكانة لا تحتلها أي قضية، ولعلي أسترجع من شهادة سياسيين فلسطينيين، كمثال أثّر في بعمق، موقف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في الجزائر حين قدم نفسه للسفير الفلسطيني هناك على أنه سفير دولة فلسطين في المملكة.

فلسطين التي قرأتها في الكتب المقدسة، وأدهشتني الحكايات التي ذكرت بيوت الله فيها، فجسد خيالي تلك الصورة الخالدة في ذاكرتي لنبينا، صلى الله عليه وسلم، وهو يسري إلى الأقصى فنبت بين أضلعي قلب يهفو إليه.. فلسطين التي سرى دمها المُراق في شرايين الأرض، فأنبتت أرضها زيتوناً وزيتاً بنكهة الشهادة، وطعم الموت الذي يصبح أشهى وأغلى حين يكون لأجل الأرض والعرض والوجود.. فلسطين التي تسطع قبتها كشمس يَرقُبها البعيدون قليلاً والقريبون على مرمى البصر من جبالها، وتهفو نفوسهم لقدسيتها.. فلسطين التي احتلها شتات من الأرض لتكون وطناً لهم، يلفظ أبناءه الحقيقيين لاجئين هجروا الدار وبأكفهم مفاتيح صدئة، وغدت تحمل لوحات مدونة بأسماء غرباء بلغة غريبة، وصكوكهم لا شرعية لها! سوى من تبقى من كهولهم أو من سمع من أجداده قصة التغريبة الفلسطينية، أومن العرب الذين حملوا القضية كجزء لا يتجزأ من ميراثهم والمطالبين بالحفاظ عليه وعدم إهداره.. فلسطين نشيدنا الوطني الذي تردده الفنانة العريقة فيروز بحنجرتها العربية الذهبية: «يا قدس يا مدينة الصلاة عيوننا إليك ترحل كل يوم..»

أي حزن ذلك الذي يمكن أن تمسحه كلمة.. ما أشهى الحكاية التي نرسمها بمشاعر ألمنا الأبدي، وبألوان الخيال ونزيف الذاكرة المستعارة ممن سبقونا.. فلسطين الجرح والأمل والألم.. الحكاية التي تُروى في النشرات وفي مجالسنا كلما غرس المحتل مستوطنة جديدة في خاصرة الأرض المقدسة، وكلما تقلبت الأوراق وأمزجة السياسيين، وكلما نقلت سفارة أو لاحت بوادر صلح جديد.


فلسطين التي ننتمي إليها كعرب ومسلمين بوجداننا وموروثنا الديني والتاريخي، وحملناها كقضية رئيسة شاركنا أهلها بنصيب يفوق بعضهم من بذل المال والوقوف في المحافل الدولية مع هذه القضية العادلة، والتي نأمل أن تُحل بالسلم قريباً وتنجح حوارات السلام القائمة والمتوقفة بين الطرفين.


أكره أن تتحول القضية بيد بعض الدول المفسدة في المنطقة، كورقة رهان يُزايد بها من لا يحفل حتى بجوهرها، وأن يتحول بعض الفلسطينيين إلى ببغاوات تردد ما تلقفته من الأبواق الإعلامية المضللة، وأن البعض يبادر بحقد وكراهية ضد المملكة، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان!؟