الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

السعودية بالحُلة الجديدة

منذ عام 2017، والمملكة العربية السعودية تصدر تشريعات وقوانين جريئة تساهم في توسيع الحريات الاجتماعية، وكسر قيود الماضي وتجذره، والذي كان يروج له أنه بنيوي في طبيعة الدولة السعودية وتأسيسها.

وبقراءة التجديدات التشريعية في جملتها، فإنها تسمح للمجتمع السعودي الجديد بالتعبير عن نفسه وفرض وجوده الطبيعي.

إن ما بدأته الحركة التصحيحية الاجتماعية بالقرارات السياسية الشجاعة التي قلصت إلى حد كبير دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحيدت آراء الفقهاء والمشايخ عن الحياة العامة، وعرضتها عبر وسائل الإعلام السعودية المتعددة على أنها اجتهادات شخصية وآراء محدودة، بل وخروج بعض المشايخ معتذرين عن غلوهم، هو بمثابة رفع الوصاية العامة عن أفراد المجتمع، وتحميل كل فرد مسؤولية حريته وخياراته، وهو من جهة أخرى اعتراف بالعقلانية والنضج الاجتماعي للأفراد.


أما التشريعات العديدة والمتدرجة التي منحت المرأة السعودية حريات جديدة بدءاً من التمكن من قيادة السيارة وانتهاء بتقليص ولاية الرجل عليها في السفر وفي حضانة الأبناء، فإنها تمثل نقلة نوعية في نمط العقلية الحاكمة في هذه المرحلة.


وإن التنازل عن السلطة الأبوية لمجتمع يغلب عليه الطابع الذكوري ليس بالأمر السهل، وهو تتويج للنضال النسوي الطويل للمرأة السعودية في مجال الحصول على حقوقها، كما أنه يرفع ألوان التناقض الفاقع بين تأرجح مكتسبات المرأة من تمكينها من الولاية العامة للمواطنين بتقليدها منصب وكيل وزارة وقاضية وسفيرة ووزيرة، وبين خضوعها لولاية الرجل في شؤونها الاجتماعية الخاصة.

وقد أصدرت القيادة الجديدة للسعودية هذا الكم من التشريعات الجديدة بعد أن أصبح المجتمع السعودي مهيئاً لتقبل هذا التغيير. حيث ابتعثت المملكة في الـ 40 عاماً الماضية عشرات الآلاف من الطلبة للدراسة في أوروبا وأمريكا وكندا واليابان وكانت تعول عليهم أنهم سيمثلون قاعدة التغيير ويقودون قاطرته. كما أن الانفتاح العام على السفر وعلى الإعلام جعل الكثير من هذه التشريعات من باب المسلمات في العالم كله وسهل تقبلها لدى كثير من القوى التقليدية المقاومة للتغيير.

التشريعات الجديدة في السعودية ستلقي بظلالها على جميع الدول الإسلامية نظراً للمكانة الروحانية للمملكة في وجدان المسلمين. وستسهم في التغيير المطلوب في تشريعات الأحوال الشخصية تحديداً، لأنها بقيت لزمن طويل ضمن التشريعات الجامدة التي يرفض الكثيرون إخضاعها لتغييرات الزمن واحتياجات المجتمع.