السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

يوم استنفاد موارد الأرض المتجددة

يوم استنفاد موارد الأرض المتجددة

محمد محمد علي

كنتُ قبل عَقْدَينِ مُهْتمّاً بقضايا البيئة وأتابعها؛ لكنَّني تحوَّلتُ إلى اهتمامات أخرى بعيدةً عن عنها، بلْ تولَّد لديَّ انطباعٌ بأنَّ ما يُشاع من تحديَّات مناخية مثل «الاحتباس الحراري» وغيره إنْ هي إلا تَرَفٌ ذِهنيٌّ وفضولٌ عقلي؛ إذْ لدينا تحدياتٌ أهمُّ وأولى بالرعاية، وهي التنميةُ الاقتصادية، وقضايا تعميم التعليم، ومحاربة الفقر والبطالة والتخلُّف والأمِّية، إلخ.

لكنِّي شعرتُ هذه الأيَّام بخطورة التحديَّات البيئية، وبضرورة إدماجها في تحديات التنمية المشار إليها. ذلك أنَّ الموارد المتجدِّدة هي الثروة المستدامة، والدول الغنية في المستقبل هي من ستملك موارد متجدِّدة، مثل الزراعة، والثروة الحيوانية، والغابات، والماء، والطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، إلخ؛ إضافة إلى العقل البشري، وكلُّ ذلك مُحتاجٌ إلى بيئة سليمة.

لقد قرأتُ مؤخَّراً تقريراً علميّاً يَتحدَّث فيه علماء عَمَّا يُسمَّى: «يوم استنفاد موارد الأرض المتجدِّدة»، والذي يعني اليوم الذي تستهلك فيه البشريةُ جميعَ الموارد التي تستطيع الأرضُ تجديدَها في سنة. ولتبسيط العملية، فلنَتَصَوَّرْ أنَّنا اسْتَهْلَكْنَا راتِبَنَا في منتصف الشهر، فماذا سيحدث؟. إنَّنا سنصبح في حالة اسْتِدَانَة في الْـمُدَّة الباقية مِن الشهر، وهذا وَضْعٌ ماليٌّ غير مُتوازِن، وكذلك البيئةُ أيْضاً تحتاج إلى توازن لكي تُوفِّر الموارد للإنسان.


ووفقاً لتقرير شبكة البصمة البيئية العالمية G.F.N، وهي منظمة تَهتَمُّ باليوم المذكور، فإنَّ البشر اسْتَهْلكوا في يوم الاثنين الموافق لـ 29 يوليو المنصرم جميعَ الموارد التي يستطيع الكَوْكَبُ تجديدَها سنة 2019.


ويقول التقرير إنَّ هذا اليوم جاء سنة 2019، قبل موعده بشهرين خلال الـ 20 سنة الماضية.

وهذا مُنذِرٌ بخَطَر جَسيم يُهدِّد البيئة، بِسببِ الإنتاجِ المفرط لغاز ثاني أكسيد الكربون والتَّدَهوُرِ المستمرِّ للغابات التي تُعَدُّ رِئَةً تَتَنفَّس بِها الأرض. وإذَا اسْتَمرَّ اسْتِنزافُ الموارد المتجدِّدة وسوءُ التعامُل مع البيئة على هذه الوتيرة، فإنَّ الأرض ستعجز في أحَد الأيَّام عن توفير الحياة لسكانها.

ويُشير التقريرُ إلى أنَّنا إذَا عِشنا بالطريقة التي يعيش بها الأمريكيون فسنحتاج إلى أربعةِ أرَاضِينَ لتلبية حاجاتنا.

إن الإشكالُ هنا هو أنَّ هذا البلدَ الأكثر تهديداً للبيئة يرفض دائماً الالتزام بأيِّ تَعَهُّدات دولية لحماية الكوكب بعدما انسحب سنة 2017م من اتفاقية باريس بشأن المناخ.فهل ينبغي للعالَم أن يَدُقَّ جَرَسَ الخَطَر لحماية الحياة في الأرض قبل غزو الكواكب الأخرى؟