الاثنين - 06 مايو 2024
الاثنين - 06 مايو 2024

تركيا والصراع الإيراني الإسرائيلي بسوريا

من أكثر الدول تأثيراً على سوريا بعد أمريكا وروسيا هي إسرائيل وإيران وتركيا، فهي دول حدودية.

تعتبر إيران ضمن دائرة التأثير لأن وجودها في سوريا والعراق جزء من تمركزها الاستراتيجي في المنطقة منذ مشاركتها لأمريكا في احتلال العراق عام 2003، حيث أدركت أن الضوء الأخضر الأمريكي يسمح لها بالتحرك ضمن تفاهمات معينة داخل الدول العربية، وقد ساعدها على ذلك فوضى ثورات «الربيع العربي» أولاً، واضطرار حكومة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ثانياً لتوقيع الاتفاق النووي معها ضمن اتفاق 1+5 الموقع تموز 2015، قبل انسحاب أمريكا منه 2018 وفرضها لعقوبات كبيرة عليها بسبب سياساتها العدوانية في المنطقة. إن الصراع الحقيقي ليس بين أمريكا وإيران بقدر ما هو صراع نفوذ بين إسرائيل وإيران، لأن إسرائيل لن تترك حالها بيد التفاهمات الإيرانية - الأمريكية، بل ستعمل على جعل نفسها جزءاً من كل الاتفاقيات العسكرية والسياسية في سوريا والمنطقة، إضافة إلى أن أمريكا تلوح دائماً بأن أمن إسرائيل هو الشرط الأول للاتفاق النووي، وشرطها الثاني تحويل العقود الاقتصادية بين إيران وشركائها الدوليين من روسيا والصين وأوروبا إلى عقود مع الشركات الأمريكية، وجعل الاقتصاد الإيراني مفيداً للاقتصاد الأمريكي في المستقبل، إذا ما تهاونت أمريكا مع إيران فيما يخص حصتها الاقتصادية من الاقتصاد الإيراني فلن تتهاون مع شرط أمن إسرائيل، ومع ذلك فإن إسرائيل تصوغ شروط التفاوض النووي بمشاركتها المباشرة ومعرفة تفاصيلها وتشترط موافقتها عليها قبل التوقيع عليها.

إن ما تخشاه تركيا هو تقوية التأثير الإسرائيلي على مستقبل سوريا، بما يعني تقوية الأحزاب الكردية الانفصالية شمال سوريا وما للوبي الصهيوني في أمريكا من دعم لطرح تقسيم سوريا ولو كان على حساب العرب، وهو ما ترفضه تركيا وتحاربه.


وما يخيف تركيا كذلك هو تقوية إيران مقابل إضعاف الدور الإسرائيلي وهو ما يزيد حكومة الأسد قوة، وهذا ما يهدد الكثير من الترتيبات الإدارية والأمنية والعسكرية والسياسية للمعارضة السورية التي تدعمها تركيا، وهذا ما يرجح أن تعمل السياسة التركية على الاستفادة من الصراع الإيراني - الإسرائيلي على مستقبل سوريا بما يمنع إقامة كيان انفصالي كردي شمال سوريا أولاً، وبما يضمن أن يكون شمال سوريا منطقة آمنة تساهم فيها إيران بتأييدها أو عدم معارضتها، ولو أدى ذلك لبقاء الأسد لسنوات قادمة، وهو ما يتلاءم مع الرؤية الروسية لمستقبل سوريا أيضاً.