الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

أربعون دقيقة هزّت العالم

كان ذلك الخميس هادئاً مثل سابقيه، هناك في منطقة رائعة تطلّ على خليج دفينا.. الناس يمارسون حياتهم اليوميّة، بينما الصيادون في مياه الخليج كانوا ممنوعين من العمل لمدة شهر أغسطس بأكمله.. لقد جرى حظر الصيد ومنع الحركة في محيط المكان.

ليس ذلك المنتجع الفاخرـ الذي يقع بين الماء والخُضرة والفضاء الحسن ـ سوى ميدان اختبارات للرؤوس النووية، وهو على بعد ساعتين بالسيارة شمال غرب موسكو.

في ذلك الخميس كان الجيش الروسي يجري تجارب على أحد أخطر الصواريخ في العالم.. إنّه ليس صاروخاً بعيد المدى.. بل صاروخاً بلا مدى.


كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد ألقى خطاباً عام 2018 وتحدث عن الصاروخ.. تقول روسيا إنّه بلا مدى، وبلا مسار، ولا يمكن التنبؤ به أو التصدّي له.. إنّه ببساطة صاروخ متجاوز لكلّ أنظمة الدفاع الجوي في العالم.


يعمل الصاروخ بالمحرك النووي، والذي يُمكنّه من الطيران مدداً طويلة، ومن دون أي حدود للمدى، ويمكنه على ذلك النيْل من أيّ مكان على كوكب الأرض.. مع استحالة المواجهة.

اسم الصاروخ صعب للغاية، وسيأخذ المحللون السياسيون وقتاً طويلاً حتى يتمكنوا من حفظه. اسم الصاروخ «بوريفيستنيك».

يوم الخميس.. كانت روسيا تجري تجارب على هذا الصاروخ المثير، وفي يوم الجمعة.. رصدت النرويج ارتفاعاً في مستوى الإشعاع، كما رصدت الولايات المتحدة الانفجار الذي وقع في المكان، وبعد قليل ثارت حرب إعلامية بين موسكو وواشنطن.

اتهمت موسكو الإعلام الغربي بالتضليل وعدم الدقة، ومحاولة النيل من البرنامج النووي الروسي، واتهم الإعلام الأمريكي روسيا بالتكتم على الحقائق والفشل في إطلاق الصاروخ رغم إعلان الرئيس بوتين نجاح التجارب.

يرى الغرب أن روسيا تبالغ في قدرات الصاروخ، وأن المشروع قد أتى به الرئيس بوتين من أرفف الأرشيف السوفيتي، بل إن الولايات المتحدة ــ بحسب موقع سي إن إن ـ قد بدأت مشروعاً مماثلاً في ستينيات القرن الماضي باسم «بلوتو» لكن تمَّ إيقافه.

كما يرى الغرب أن الصاروخ الروسي يترك نفايات نووية في كل مكان يمرّ به، وتحدثت صحف الغرب عن انفجار نووي في روسيا، وردّت روسيا بأنّه ليس انفجاراً نووياً، وأن المحرك ليس مفاعلاً نووياً، ولا علاقة له بمفاعل نووي، كما أنه لا يحدث فيه انشطار نووي، وما حدث هو انفجار مفاجئ في الوقود السائل.. وهو ما أدّى إلى مقتل خمسة علماء وإصابة آخرين، كما ارتفعت نسبة الإشعاع دون المدى الخطير لمدة 40 دقيقة فقط، ثم عادت مستويات الإشعاع إلى طبيعتها.

ذهب الناس إلى الصيدليات لشراء أقراص اليود المضادة لأجل الحماية من اليود المشع.. انهار العالم كله للحظات، ثم أفاق على التفكير في سيناريو يوم القيامة.. ماذا لو تم استخدام كل هذه الصواريخ في حرب عالمية نووية؟.. إن أفضل إجابة عن هذا السؤال هي: إلغاء السؤال!