الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

أمريكا وإيران.. الحرب والسياسة

يبدو أن المواجهة بين أمريكا وإيران انتهت إلى ما يشبه القصف السياسي، بعد شهور من الاتهامات والتهديدات، وفي المحصلة النهائية الآن فإن المواجهة العسكرية أصبحت قضية غير مطروحة، والأطراف جميعها تسعى إلى مواجهة سلمية ومفاوضات حول المشروع النووي الإيراني، ووقف الأطماع الإيرانية في المنطقة، وإن كان ذلك يبدو أمراً صعباً، حيث لا تزال إيران تهدد أجزاء كثيرة من العالم العربي.

لقد نجحت إيران في استيعاب الغضبة الأمريكية، التي تجسدت في حاملات الطائرات والسفن الحربية التي دفعت بها الإدارة الأمريكية إلى مياه الخليج في الشهور الأخيرة، ولا شك أن الإيقاع السياسي لإدارة المعركة من الجانب الإيراني كان هادئاً، ووضح أمام العالم أن إيران تلعب معركة سياسية بمهارة أمام التعسف الأمريكي رغم أن أمريكا فضلت في النهاية المفاوضات.

سألت يوماً الأستاذ محمد حسنين هيكل عن التفوق السياسي لإيران في إدارة معاركها السياسية، وفى ظل حكم الملالي: من أين هذه الخبرات والكوادر؟


كان هيكل من أكثر الناس فهماً للواقع السياسي والفكري للنظام الحاكم في إيران منذ ثورة الخميني، وكانت له جولات كثيرة منذ أحداث محمد مصدق ورحيل الشاه ووصول الإسلام المتشدد إلى السلطة.. يومها قال لي الأستاذ هيكل: إن إيران بعد الثورة لم تتخلص من الكثير من كوادرها السياسية التي كانت تدير شؤون البلاد في عهد الشاه.. لقد حافظت على رموز كثيرة هي التي تظهر الآن في هذه المواجهات الكبرى.. هناك سطوة لرجال الدين في حكم إيران ولكن بقيت مساحة ليست قليلة لأصحاب الرأي من الخبراء وأصحاب الرؤى، وهؤلاء هم الذين يديرون معارك إيران الخارجية حتى وإن كان ذلك سراً.


إن المواجهة الأخيرة بين أمريكا وإيران لم تحسم عسكرياًّ، وعلى الجانب الآخر فإن هناك مواقف متعارضة بين أمريكا وحلفائها تجاه إيران خصوصاً أن إنجلترا وفرنسا من جانب، وروسيا والصين من جانب آخر لهم مواقف مختلفة عن الجانب الأمريكي تجاه إيران.

وسط كل هذه التناقضات يبدو موقف الدول العربية أمام إيران فيه الكثير من التردد وغياب الثقة حتى وإن فتحت إيران بعض أبوابها للتفاوض، إلا أن ما يجرى في اليمن والبحرين وما يحدث من حزب الله في لبنان مع بقاء القوات الإيرانية في سوريا، وكل هذه الأطماع تمثل عبئاً ثقيلاً على أي محاولات للتقارب أو التفاهم أو تغيير المواقف.

لقد حققت أمريكا بعض المكاسب في المواجهة الأخيرة مع إيران، لكن من يحسم النتائج؟، خصوصاً أن أمريكا ما زالت تخشى من قوة إيران الصاعدة، وهناك الطرف الذي يحرك كل هذه الأحداث سراًّ، وهو إسرائيل العدو الغامض.