الثلاثاء - 07 مايو 2024
الثلاثاء - 07 مايو 2024

الديمقراطيون المزيّفون في الجزائر

من بين ما نعانيه في الوطن العربي عامة وفي الجزائر خاصة ظاهرة الديمقراطية المزيفة، حيث ظهر تيار سياسي وثقافي يسمي نفسه «التيار الديمقراطي»، يعتقد أن الديمقراطية حكر عليه وأن غيره هم الفاشيون، وينسبون لأنفسهم فضائل الدفاع عن حقوق الإنسان وحرية الرأي والفكر والتعبير، لكن عملياً، لا علاقة لهؤلاء بالديمقراطية سوى الاسم، لأنه خلال الممارسة يصبحون إقصائيين وفاشيين.

ورغم أن الديمقراطية في مفهومها العام هي الحق في الاختلاف، إلا أنهم عندما يختلفون مع غيرهم فإنهم لا يترددون في شن حملة إعلامية ضدهم، ناعتين إياهم دعائياً بالإسلاميين الشموليين أو بالموالين للنظام، أو العسكريين في زي مدني.. لعجزهم عن مواجهة الحجة بالحجة والفكرة بالفكرة.

نجدهم في الصف الأمامي للدفاع عما يسمى «حقوق الإنسان» بمفهومها الغربي، وينددون بما يسمونه تجاوزات حتى لو كانت ليست كذلك، لكن إذا طالت التجاوزات من يختلفون معه في الرأي فإنهم يباركون ويعتبرون ذلك بطولة وانتصاراً للديمقراطية.


أما وسائل الإعلام التي تنتمي إليهم، فإنها تكيل بمكيالين، فالمواطنون درجات، مواطن ديمقراطي يستحق الدفاع عنه، ونشر أفكاره وانشغالاته، ومواطن غير ديمقراطي أو ينتمي لـ «الفاشيين» لا يستحق ذلك.


وينطبق ذلك على النقابات المهنية والعمالية التي يسيطرون عليها، فهي تقف وتدافع عمن ينتمي إليها، حتى لو كان ظالماً، ولا تتحرج أبداً من غض الطرف عن المظالم التي تمس الآخرين.

وعادة ما يندد الديمقراطيون بما يسمونه «النظام العسكري» ويرفعون شعارات «دولة مدنية وليست عسكرية»، لكن التجارب بينت بالدليل القطعي أنهم يتحالفون مع «الجيش» عندما ينهزمون في الانتخابات، رغم أن هذه الأخيرة تعتبر أهم أداة لتحقيق الفعل الديمقراطي، مثلما حدث في الجزائر عام 1992.

ومن تناقضاتهم في الجزائر أيضاً، أنهم ينددون بما يسمونه «حكم العسكر» حالياً عقب الحراك الشعبي، ويدعون لفترة انتقالية بدون انتخابات، رغم أن الجيش متمسك بالدستور ويدعو إلى تنظيم الانتخابات كسبيل وحيد للوصول إلى الحكم.

ومن الناحية الأيديولوجية، تجد الديمقراطيين المزيفين في الصف الأمامي للدفاع عن «المفطرين في رمضان بغير إذن شرعي» أمام الملأ وفي الشوارع العامة، رغم أنهم هم أول من يقول: إن حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين.

كذلك وجدناهم أول من يدافع عن ظاهرة نشر المسيحية رغم أنهم هم أول من يدعي العلمانية.. إنهم يرحبون بالديمقراطية عندما تكون في خدمتهم، ويحاربونها عندما تكون في صالح غيرهم، ويكفيهم فقط أن «الغرب» يسميهم ديمقراطيين.