الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

البريكسيت.. كابوس أوروبي ـ بريطاني

البريكسيت.. كابوس أوروبي ـ بريطاني
دخلت علاقات بريطانيا بالاتحاد الأوروبي أيامها الحاسمة، حيث بدأت بوادر طلاق بدون اتفاق تلوح في الأفق، وترسم ملامح سيناريوهات كارثية بالنسبة لاقتصادات المنطقة، وجاءت التسريبات التي نشرت في الصحافة الأوربية حول حجم الخسارات التي قد تتمخض عنها عملية طلاق بدون اتفاق لترسم هول التحديات التي تواجه القارة العجوز، وهي تحاول فك الارتباط مع الجزيرة البريطانية المتمردة.

بوريس جونسون خليفة تريزا ماي في رئاسة الحكومة البريطانية يخاطب القيادة الأوروبية في بروكسيل بلغة التحدي والعجرفة: إما أن تقبلوا شروطي أو أنفصل عنكم بدون اتفاق.

شروط جونسون تطال التخلي عما سمي بشبكة الأمان في أيرلندا، التي قد تحول دون عودة حدود صلبة بين الأيرلندتين، كما يراهن جونسون على الفزع الذي قد ينتاب دول الاتحاد الأوروبي من تداعيات انفصال بدون اتفاق قد يدفع دول الاتحاد الأوروبي إلى تقديم تنازلات.. رهان على شكل مناورة سياسة وإعلامية تنسج من خليط من لعبة الشطرنج والبوكر الكذاب. والسؤال المطروح بحدة الآن في أروقة القرار الأوروبي: هل يعقل أن يقدم الاتحاد الأوروبي هدية ثمينة لبوريس جونسون في شكل تنازل محوري رفضه حتى آخر رمق لتريزا ماي، ما تسبب بالمحنة السياسة التي عاشتها، وتوجت باستقالة استعراضية عبدت الطريق لمجيء بوريس جونسون.


بتشجيع علني من طرف دونالد ترامب وضمني من طرف فلاديمير بوتين، يلوح بوريس جونسون بشكل صارخ بأنه سيقود مغامرة الطلاق بدون اتفاق، ومن ثم يبعث برسالة واضحة لبقية الأوروبيين أنه قادر على إحداث قطيعة قد تشكل ضربة موجعة لمصالحهم الحيوية وتزعزع اقتصاداتهم إلى درجة إحداث موجة ركود تنموي، وهذا الوضع يجعل مواقف بوريس جونسون تشكل تهديداً حيوياً على مستقبل العلاقات البريطانية الأوروبية.


أمام هذا الوضع الخطير يراهن الأوروبيون على الديناميكية الداخلية للمشهد السياسي البريطاني، التي تصر كما تقول استطلاعات الرأي على رفض جماهيري لخروج بريطانيا بدون اتفاق، وتبنت هذه المعركة وأبعادها فعاليات داخل البرلمان البريطاني، التي قد تفرض قيوداً على هامش المناورة التي قد يتمتع بها بوريس جونسون.. ربما تفرض عليه الاستقالة أو انتخابات تشريعية مبكرة.

وفي فرنسا كما في ألمانيا هناك استعداد سياسي لموجهات هذه الاحتمالات، مع بصيص من الأمل أنه في آخر المطاف ستعلو حكمة العقلاء على تهور المغامرين.