الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

السودان.. هل حل المعضلة؟

السودان.. هل حل المعضلة؟
أتمنى أن يكون «فرح السودان» هو بداية لسلسلة أفراح متعددة في كل المدن السودانية.. وأن يكون بداية لمرحلة من الاستقرار في هذا البلد العربي الشقيق، الذي عانى من أزمات متعددة، بعد توقيع المجلس العسكري الانتقالي السوداني وقوى الحرية والتغيير بصفة نهائية على الوثيقة الدستورية والإعلان السياسي للمرحلة الانتقالية، في مراسم حفل سُمي بـ «فرح السودان».

ورغم الاحتفالات التي عمت شوارع الخرطوم وكل المدن السودانية، فإن مقاطعة مكونات سودانية أساسية، كالجبهة الثورية والحزب الشيوعي، تلقي بظلالها على الحدث، إذ اشتكيا وغيرهما من تهميشهم أثناء المحادثات، ما ينذر بصعوبة إبقاء الجبهة المعارضة موحدة، بل إن هناك بعض المتشككين في النوايا عبروا عن تخوفهم من أن الإعلان الدستوري والوثيقة السياسية ما هما إلا مجرد حبر على ورق، وأن أزمة التحول الديمقراطي ستعترضها عقبة وراء أخرى، حيث بقيت التساؤلات مفتوحة حول مصير الملفات الشائكة من بنية الدولة ونظامها، فضلاً عن الأوضاع الاقتصادية التي كانت الشرارة الأولى للتحرك الشعبي.

وأرى أن عدم معالجة هذه الهواجس سيستدرج الخرطوم إلى منطقة أخرى من الأزمات، ولكني لست متشككاً في أن الجميع سيفعل ما بوسعه من أجل عبور المرحلة الخطرة، والتي كان السودان عندها على جرف حرب أهلية لا يعلم أحد عقباها.


كما يرى بعض المراقبين في السودان أيضاً أن الوثيقة تجاهلت أموراً أخرى جوهرية، تندرج تحت بنود التفاصيل والشروح الإضافية، فضلاً عن تساؤلات كثيرة لا تزال مطروحة حول آلية التطبيق، من بينها أن الإعلان يخضع الاستخبارات السودانية، التي جرى تغيير تسميتها الشهر الماضي إلى جهاز المخابرات العامة، إلى سلطة المجلس السيادي والسلطات التنفيذية، لكن محللين يشيرون إلى أن الإعلان لا يحدد آلية تقاسم المسؤوليات.


التخوفات من المستقبل كثيرة وجائزة للغاية، فالتجارب السابقة، سواء داخل السودان أو خارجه، لا تفي بغرض الاطمئنان، ولكن هناك إيجابيات أرى أنها تحققت بهذا التوقيع، بل من المتوقع أن تنزع فتيل أزمات خلال الفترة المقبلة، وحتى حدوث انتخابات حرة ديمقراطية.

من بين تلك الإيجابيات إنهاء حالة الارتباك السياسي التي يعيشها السودان خلال هذه الأيام، إضافة إلى تجنب مآل ثورات ولدت في بعض البلاد العربية، وذهبت إلى نزاعات مسلحة، كسوريا وليبيا، بل تحولت إلى بؤر لاستقطاب التنظيمات الإسلامية المسلحة، ما استدعى تدخلاً غربياً وقتالاً عنيفاً فيها.