الثلاثاء - 07 مايو 2024
الثلاثاء - 07 مايو 2024

نظرية العدالة لدى جون راولز

نظرية العدالة لدى جون راولز
تقوم الأطروحة الرئيسة لنظرية جون راولز على أن يكون المجتمع متساوياً أولاً قبل أن يكون عادلاً، وحول هذه الأطروحة انتظمت نقاشات عميقة حول المجتمع والسياسة وتوزيع الثروات.

اشتغل في نظريته حول العدالة على بلورة أهم الأسس التي ينبني عليها «المجتمع المنظّم»، وعلى ما يميز الديمقراطية المحكومة بالعدالة عن غيرها من الديمقراطيات الشكلية.

لذلك، اعتمدت منهجيته على «السؤال الإيطيقي»، وليس على التحليل الوضعي المباشر، وهذا ما جعل نظريته في العدالة تعتبر معيارية و تندرج في تقاليد فلسفة الحقوق الطبيعية ونظرية العقد الاجتماعي، إنها تقترح بديلاً للنظرية النفعية التي تقتضي بأولية ما هو سياسي على ما هو اقتصادي.


لقد عرض مختلف مبادئ «العدالة التوزيعية» كما ناقشها الفلاسفة الكلاسيكيون، بهدف البحث في خلفيات الاختلاف الحاصل ما بين أنواع العدالة ووظائفها، ثم عمد إلى اقتراح مبادئ دقيقة «للعدالة الشرعية» التي أطلق عليها «قناع الجهل»، ومعناه أن طبيعة الأفراد هي الأنانية التي تجعلهم يختارون دائماً ما يحبونه لأنفسهم.


لذلك، يعتبر هذه الطبيعة تجربة فكرية تدفع بالأفراد إلى تمرين اختيار مبادئ العدالة دون معرفة مواقفهم المستقبلية وهم يعيشون في مجتمعاتهم، مثل موقفهم من الجنس والعرق والعاهات الجسدية والانتماء الطبقي وغير ذلك، فمادام هؤلاء الأفراد نفعيين فإنهم لا يختارون أبداً الانتماء إلى جنس أو عرق يطاله الميز العنصري.

إذن، فالمبدأ الذي أسماه راولز «بالعدالة الشرعية» مضادة بدءاً لكل الأشكال التي تُعرّض الفرد إلى الميز العنصري، لأن الطبيعة النفعية لهذا الفرد تمنعه من الانتماء إلى جماعة دونية قد تمس حتما بمنفعته الذاتية، ولهذا، فالأفراد في إطار جيل جميعهم يميلون إلى المجتمع المنظّم الذي يضمن لهم الموارد والرمزيات في سياق من العدالة والمساواة، وهذه التجربة تسمح للأفراد غير المحظوظين بتحسين أوضاعهم من خلال فكرة المجتمع المنظّم.

من أهم مبادئ العدالة حسب راولز مبدأ الحرية والمساواة، حيث إن كل فرد له حق متساوٍ في الحريات التي لا تمس بحرية الآخرين، وثانياً، مبدأ الاختلاف الذي يقتضي التدبير الأمثل للامساواة الاجتماعية والاقتصادية، مما يمكّن الفئات الهشّة من أن تستفيد أكثر من نتائج هذا التدبير شرط أن تكون كل المواقع الاجتماعية مفتوحة للجميع في سياق المساواة في الفرص.

تُسلّم فكرة الاختلاف بأنه من المستحيل أن يكون كل أعضاء المجتمع متساوين مادياً، ولكن، ينبغي أن يظل هذا المجتمع منفتحاً، يسمح بحيوية أفراده ويمنحهم فرص الترقي عن طريق الكفاءة.

إذن، يلاحظ هنا أن راولز يحاول وهو يؤسس للمبادئ الكبرى المؤسسة لمجتمع عادل، الدمج ما بين أسس العدالة والحرية والمصلحة الجماعية، لكن العماد الذي تقوم عليه أطروحته يتمثل في ضرورة تحقيق المجتمع لمنطلقات طبيعية، تتمثل وجوباً في المساواة، وهي المنطلق الأساس لأي تعاقد اجتماعي، قبل أي تفكير في العدالة.