الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

المثقف التويتري

رغم تحفظي على استخدام كلمة «مثقف»، إلا أنني لم أجد بديلاً لهذا المسمى الذي يكاد يكون الأكثر تداولاً بين الناس، خاصة في «مجتمع» تويتر.

إنّ المثقف هو من يراه المجتمع فرداً له نصيب من الثقافة والأدب والحضور الإعلامي، وهم غالباً ممن يكون لديهم بعض الأعمال الأدبية أو الكتابات الصحفية.

أمّا المثقف «التويتري»، فهو من لديه عدد من المتابعين فوقع في ورطة، وأقنع نفسه بأنه من الواجب عليه أن يدلي بدلوه في كل ما هو جديد في الساحة من باب تسجيل الحضور أو «الإمضاء».


ولذلك، أصبح من المألوف أن يفتي مغرد بخلفية أدبية في أمور سياسية معقدة يعجز ويتحرج منها جهابذة السياسة، بل ويتوهم أن رأيه صواب لا يقبل الطعن والخطأ.


وتبقى أسوء نسخة من هذا «المثقف» من ينتمي لتيار الإسلام السياسي، ومثله أن تجده يشن حملات استهجان واستنكار وإساءة إلى دول عربية دون تيقن بسبب شائعات تدّعي أنها بصدد التطبيع مع إسرائيل، وسريعاً يصدم هذا «المثقف» بأن بلده قام بالتطبيع العلني مع الكيان الصهيوني، هنا يصمت هذا المثقف الغيور على أمته، ويتحول إلى إمام خطيب ينشر الأدعية والأذكار ويتجنب السياسة!

وإذا ما نجا المثقفون والكتاب من التدقيق بما كانوا يكتبونه في كتبهم أو مقالاتهم الصحفية في السابق، فإنهم أصبحوا الآن كتاباً مفتوحاً أمام الجميع، وأي خطأ يقومون به سوف يتم كشفه بكبسة زر.

إن البقاء سيكون للمثقف الذي يعرف حدوده، والذي يأخذ وقته الكافي قبل أن يخاطر ويدلي بدلوه في آبار أعمق من حبال معرفته.