السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

هذه البقعة.. قطعة شطرنج على الرقعة!

روى لي أحدهم أن الإمام أحمد بن حنبل، رحمه الله، دخل في حوار مع أحد الشيعة فأفحمه وألقمه حجراً، وقال الراوي ذلك وهو منتفخ الأوداج وفخور بهذا النصر المبين، فسألته: وكيف كان ذلك؟

فقال إن الإمام سأل الشيعي: ماذا كان رأي الرسول صلى الله عليه وسلم في الشيعة؟ فرد الشيعي: لم يكن هناك شيعة على عهد الرسول وكان رده اعترافاً بفساد مذهبه.

ضحكت من الرواية، فانفعل الراوي وقال: ما يضحكك؟ هل هذا وقت السخرية؟


قلت: بل وقتها تماماً، ولو كنت مكان الشيعي لقلت للأمام أحمد: وهل كان هناك سنة على عهد الرسول؟


المسلم والإسلام لا يوصفان ولا يميَزان بوصف آخر غير الإسلام والمسلم، ووصف المسلم والإسلام يعني انتقاصاً من قدر الدين، وإذا احتاج الإسلام إلى وصف وتمييز دلّ ذلك على نقص لا يجوز أن يكون فيه، وقد غلبت الأوصاف على الإسلام والمسلمين حتى صار الإسلام ألف دين ودين، وحذفت كلمة مسلم ليحُل محلها المذهب والجماعة، ولم يعد يقال مسلم إخواني ومسلم سنّي ومسلم شيعي، وصار يقال إخواني وسنّي وشيعي وداعشي ومعتدل ومتشدد.

عندما تداول الناس شعار الإخوان المزيف «الإسلام هو الحل»، كنت وما زالت أتساءل: أي إسلام هو الحل؟ الإخواني أم السلفي أم الداعشي أم ماذا؟ وصار الإسلام على يد الإخوان ومن دار في فلكهم واهتدى بفكرهم وخرج من رحمهم عنواناً للطائفية التي تجري في دم العرب، حيث نقلوها من العرق والقبيلة إلى الدين.

وهذه الطائفية والقبلية الدينية البغيضة لا وجود لها إلا في الأمة العربية، فالمفترض أن تركيا دولة سنّية وأن إيران دولة شيعية ومع ذلك فإن بينهما تحالفاً قوياً، وهو تحالف ضد العرب، والمفترض أن حزب الدعوة العراقي شيعي لكن مرجعيته الإخوان السنّة وليس المرجعيات الشيعية في العراق، وحماس في غزة تأتمر بأمر الحلف التركي الإيراني، وأمثلة كثيرة تؤكد أن العرب مجرد أوراق لعب على الطاولة الدولية، وقطع شطرنج على الرقعة يحركها من يشاء.

ويبدو من نظرة فاحصة للواقع والميدان أن هذه البقعة من العالم ستظل بفعل الطائفية والقبلية المقيتة، والغباء مجرد قطع شطرنج على الرقعة!