الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

أحلامنا المؤجلة.. النداء والصدى

من منّا لم يحمل في قلبه حلما مؤجلاً يتوارى وراء مدائن الصمت، ويئن بحزن مهيب خوفاً من خطيئة البوح، لكن يوماً ما سينضح مرجل أحلامك المؤجلة بين حاضر يصنع لغته شفاهة، وماض قد يفرض نفسه كتابة، بعد أن أصبحت رائحة الأمنيات البائتة تزكم الأنوف، وتقض المضاجع بين يأس مضجر، وأمل يحجزه الانتظار.

تحاصرك صنوف كتبك المتراصة في مكتبتك بنظرات عتاب الأصدقاء الأوفياء ممن ينتظرون تصفحك وعدلك المفتقد، لتوازن بين شواغلك وشغفك ليتحقق اللقاء مع المسطور والمكنون، وأنت تردد: يوماً ما سأكون في حضرتكم، فلم أبتعكم وأجعلكم جزءاً من جدارية مكتبتي المسافرة في وجداني، إلا لأن لكم في عقلي مكاناً ومكانة.

وتمضي الأيام ويطول الانتظار، ويتحول العتاب إلى حروف صامتة، وقد تأخر عدلك لذاتك ولساكني مكتبتك.. وتلك جدلية أحلامنا المؤجلة بين النداء والصدى مع صديقك الوفي.. كتاب لا يعرف النفاق والرياء.


تأتي الأعياد والمناسبات، وتنهمر عليك مباركات وقطوف من أجمل الكلمات، وتتساءل: لماذا لا تستبدل صمت حروفك مع هذا الوفي، والآخر من صلة أرحامك، والثالث من رفقاء درب الزمن الجميل، لتفاجئه بمكالمة أو لقاء بدلًا من رسالة صماء.


تقفل الأعياد والمناسبات أبوابها على سيل أمنياتك المؤجلة.. ستهاتفهم، وتسعد بالصحبة واللقاء الذي طال انتظاره، حتى تأتيك أخبار من حاصرتهم الأمراض، أو من انقطع بهم الوصال فرحلوا في صمت، لتمضي مع جدلية أحلامك المؤجلة بين النداء والصدى، كمن يسعى وراء سراب يحسبه الظمآن ماء، مستحضراً أصدقاء نبلاء وذوي رحم وقرابة.

تكد ليل نهار، تخاصم الإجازات، مشغولاً بأن البيت الموعود حتماً سيشيّد هنا أو هناك، تحجز قطعة أرض وتزورها في منامك، تتابع أسعار البناء وسوق العقار، ترسم تفاصيل المكان: مكتب خاص، واستراحة ضيوف، وحديقة غناء، ومسبح تسبح فيه بأفكارك وحملك الثقيل.

وتمضي السنون وأنت تنسج بخيالك خيوط أمل بين وعود وهمية، وتسأل نفسك من سرق أحلامي؟ ثم تؤثر الصمت ليأتي من يكمل مسيرتك، أو تكتفي بمقعدك أينما كنت، لتمضي أيامك في جدلية أحلامك المؤجلة بين النداء والصدى في بيتك الموعود الذي لم يرَ الوجود.

إلى أصحاب الأحلام المؤجلة.. من حقك أن تعتلي صهوة الأحلام الجميلة، لكنها ستسقط صرعى بين النداء والصدى إذا لم تجعل يومك السعيد هو حلمك غير المؤجل.