الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

تونس.. معارك السياسة والإعلام

مع اقتراب اللحظة الانتخابية في تونس، تحتدم المعارك بين المرشحين للانتخابات الرئاسية وتتخذ لها من وسائل الإعلام ميادين للنزال.

يذهب التونسيون إلى مراكز الاقتراع باحثين عن رئيس يؤمّن لهم وطناً أفضل من النسخة التي تم ارتجالها بعد ثورة 2011، ويبحثون، عبثاً، بين المرشحين الـ 26، عن رئيس فيه بعض من الحبيب بورقيبة، وفيه شيء من الباجي قائد السبسي، وفيه كثير ممن يفترض أن يعيد للدولة بريقها.

يعزف المرشحون للرئاسة عن تلك الانتظارات الشعبية، ويديرون لها ظهورهم، ميمّمين وجوههم شطر المناصب، وفي المسافة الفاصلة بين الانتظارات الشعبية والأهداف السياسية للمرشحين، انحدر الخطاب السياسي الانتخابي إلى قاعه، وأنتج معارك تغيب فيها البرامج والمطارحات، لتحضر «الملفات» واتهامات الفساد والأسرار والتشويهات.


وفي المسافة الفاصلة بين ما يأمله الناخب التونسي، وبين ما يوفره المرشح، تظهر نتوءات لم يألفها التونسيون، ففي المناخ الذي صنعه السياق الجديد، علا منسوب الشعبوية بشكل يفوق حجم البلاد وطاقة تحمل شعبها، وفي المناخ الانتخابي الجديد أيضاً، تحول التنافس السياسي إلى خصومات بين المرشحين، لا تحرّم فيها أي أسلحة، وتحولت وسائل الإعلام إلى ميادين للمعارك السياسية.


في الوقائع التونسية الأخيرة ارتفع منسوب التجاذب بين يوسف الشاهد، رئيس الحكومة الذي فوض مهامها، وأحد المتنافسين بجدية على خلافة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، وبين عبد الكريم الزبيدي، وزير الدفاع المستقيل، المرشح بقوة بدوره لخلافة الباجي.

سبق للزبيدي أن اتهم الشاهد بمحاولة الانقلاب على الباجي في 27 يونيو الماضي، وتكفل أنصار الشاهد بتكذيب الرواية واتهامه بالتلفيق، ثم لمّح الشاهد نفسه إلى أنه مستهدف لأنه «شن حملة ضد الفساد والفاسدين»، وأن «هناك مافيا في تونس في حالة هلع ما أدى إلى تجنيدها أطرافاً إعلامية وسياسية لتشويهي».

دخل سليم الرياحي، رئيس الاتحاد الوطني الحر، الذي يواجه أحكاماً قضائية اضطرته إلى تقديم ترشحه من فرنسا، على الخط، وذهب إلى أن «الشاهد خان الباجي قائد السبسي وغدر به بعد أن استمالته النهضة وسيطرت عليه وعلى حكومته».

يزداد احتدام المعارك السياسية في تونس، وتظل مشاغل الناخب التونسي في حقل، وهموم السياسيين في حقل آخر.. مسافة تؤكد أن مسار الانتقال الديمقراطي تعتريه كثير من المطبات. ولئن يهلل البعض بأن دور الإعلام أن يكشف الواقع السياسي القائم، إلا أن ما يحدث اليوم هو أن أغلب وسائل الإعلام التونسية تحولت، إلى أطراف في المعركة، طالما أن أغلب المرشحين يفتقدون البرامج لكنهم يحتكمون على وسائل إعلام تخوض معاركهم بالنيابة.