الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

غرسنا.. ومواسم الحصاد

يتفق خبراء الصحة النفسية على أن من أهم السلوكيات المؤثرة في نمو الطفل التي يتبعها الأبوان في التربية، هما نوعان خطيران متضادان ولكن نتائجهما واحدة، وهما المغالاة في الحب والتدليل، أو الإفراط في الكراهية والإهمال.

اختصاصيو علم الاجتماع، يؤكدون بأن الصحة النفسية للأفراد تتحقق بالانسجام بين الجوانب النفسية والجسمية والاجتماعية، وحينما يحدث هذا التوافق يستطيع الفرد أن يحقق سلامه النفسي، ومع الاخرين، ومع محيطه ككل.

فكل العينات التي جنحت للإنضواء تحت عباءة الإرهاب، أغلبها أفراد من فئة الشباب اليافعين، لم يستطيعوا تحقيق سلامهم الذاتي، ففقدوا البوصلة وبقوا متخبطين بلا مرشد أمين؛ شباباً يمتلكون طاقات كامنة لم يجدوا من يستغلها كما يجب، فكانوا صيداً سائغاً للجماعات المتطرفة، زيّفوا لهم الحقائق والأهداف، وأوهموهم بأنهم سيحققون بطولاتهم الأسطورية!.


فالشباب هم الفئة المستهدفة في مجتمعاتنا، إمّا بتدميرها أو بإصطيادها لتجنيدها لأغراض إرهابية، فعلينا تفقدهم باستمرار في البيت وخارجه، مع من يتواصلون وخلف أي إمام يصلّون، وأي المفاهيم يعتنقون، ولأي المشايخ يستمعون، وأي كتاب يقرؤن، وأي المواقع الإلكترونية يتصفحون ويترددون عليها.


توازن الصحة النفسية للأبناء تتحقق بالإنسجام والوفاق العائلي أولاً، وبالرعاية الأبوية غير المنقوصة، فالتربية اليوم تتطلب تضحيات أكبر مما كنا نظن، فالغفلة عن شاب تتنازعه الرغبات والأهواء والأفكار المغلوطة لثانية واحدة قد تكلف عمراً، وقد تهدد سلام مجتمع برمته.

ولكي يزهر ويثمر غرسنا، علينا هدم خلواتنا الإفتراضية التي أطرّت حياتنا الإجتماعية ورفعت الأسوار بيننا وبين أبنائنا، والإقتراب واقعياً بحب منهم ومعرفة ما في رؤوسهم وصدروهم.. قراءة أفكارهم وميولهم، حتى لا نخسر غرسنا ولا موسم حصاده!.