الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

لعبة الشطرنج في الخليج

كيف يمكن للمرء أن يُغفل الحديث عن القصف المؤسف بطائرتين مسيّرتين لموقعين صناعيين في بقيق وخريص في المملكة العربية السعودية هذا الأسبوع؟ بالرغم من وجود قضايا أخرى تستحق الاهتمام والمتابعة؛ أوروبا ما زالت مسترخية أمام «المسلسل المشوّق» لتطور بريكست، ومواطنو هونغ كونغ يواصلون الدفاع عن النموذج الليبرالي لبلدهم كمركز مالي عالمي، وسكان إدلب لا يزالون يعيشون الرعب وهم عالقون بين الجنود الأتراك والسوريين، والانتخابات الرئاسية في تونس التي اختزلت لتصبح مجرّد عرض فارغ المحتوى للعملية الديمقراطية، وهي محرومة من دعم أوروبا المجاورة، والآفاق الانتخابية الخادعة في الجزائر بعد عقود من الطرق المسدودة.

قبل أيام تمكّنت طائرتان مسيّرتان من إغراق العالم بمشكلة نفطية هزّت شبه الجزيرة العربية بشكل عنيف، فهل من المعقول أن تتبخّر جهود مضنية لبناء منشآت اقتصادية بمثل هذا الحجم لتتحول إلى سحب من الدخان خلال ثوانٍ؟ وماذا عن مليارات الدولارات التي يتم إنفاقها على تحديث الأسلحة؟ وهذا التطور الجديد للتحدي بين إيران والسعودية يذكرنا بملاحظات مهمة يمكن أن نستقيها من دروس التاريخ:

- تكون قدرة الطرف الضعيف على ردع الطرف القوي أكثر فاعلية عندما لا يكون هناك الكثير مما يمكن أن يخسره بالمقارنة مع ما سيخسره الطرف القوي، وهنا بالضبط يكمن المفعول العكسي للعقوبات الاقتصادية.


- للحروب كلها نتائجها النفسية المهمة، وتأثير هاتين الضربتين أكبر بكثير من النتائج المادية التي أسفرتا عنها، فلقد تركتا آثارهما وتداعياتهما العميقة على المستوى العالمي، وخاصة على مستهلكي النفط والسياسيين.


ويمكننا تلخيص الأمر بملاحظة شخصية، فسوف أجرؤ لأقول: إيران هي موطن نشأة لعبة الشطرنج، ولنتذكر آخر ما يقال في اللعبة: «مات الشاه» بدلاً من القول «مات الملك»، وكلمة «شاه» فارسية معروفة.

لا يمكنني أن أفهم سبب توقف المحادثات بين إيران والولايات المتحدة حول البرنامج النووي وفقاً لهذه الحقائق، فدعنا ننظر إلى الأوراق التي يحتفظ بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومنها القدرة على تجاوز التعقيدات، والبحث في التوقعات المبنية على ما حدث في الحضارات التي سادت لآلاف السنين، ومن ناحية أخرى هناك منهج قصير النظر يعكس قوة الحضارة الحاسوبية وعناصر ضعفها.

إلا أن هذه النظرة المُبسطة لا يجوز أن تغطي الحقيقة التي تفيد بأن كلا الطرفين يمارس لعبة القوة، والصقور والحمائم لا تقف دائماً في المكان الذي يفترض أن تقف فيه.